
في وطنٍ تشرّب أبناؤه الوفاء من ترابه، ورضعوا قيم الولاء منذ نعومة أظفارهم، لا تحتاج القيادة إلى تعريف أو ترويج داخلي. فالعلاقة بين القيادة والشعب في المملكة العربية السعودية علاقة نادرة في عمقها، ومتفردة في رسوخها، تجاوزت الشكل المؤسسي لتستقر في وجدان المجتمع، وتنمو مع وجدانه الوطني والإنساني. تعلّم السعوديون من قادتهم معاني الكرامة، والسيادة، والشهامة، وتوارثوها كما يتوارثون الأرض والاسم. لكن المعادلة لا تكتمل إلا بفهم الطرف الآخر –الطرف الخارجي– الذي لا يملك ذات التجربة، ولا ينهل من ذات النبع. وهنا يتشكل البُعد الآخر للصورة: كيف يرى العالم هذه العلاقة، وكيف يُقوّم قيادة تسير بخطى ثابتة في زمن التحولات العاصفة؟.. لقد جاءت الزيارة التاريخية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة في 13 و14 مايو 2025 لتكون شاهداً حياً على الدور الفارق والبارز الذي يمثله سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وعرّاب التحول السعودي في رؤيته وطموحه وشخصيته الاستثنائية. أداء استثنائي أمام أعين العالم.. في غضون ثلاثين ساعة فقط، تحوّل جدول زيارة الرئيس الأمريكي من مجرد محطات بروتوكولية، إلى رحلة استراتيجية غنية بالملفات الثقيلة، شملت الأمن، الطاقة، الذكاء الاصطناعي، الاستثمارات، التحالفات الإقليمية، وغيرها من محاور المستقبل التي تُرسم فيها خرائط القوة العالمية. وما أدهش العالم، وأربك توقّعات المحللين، هو قدرة سمو ولي العهد على احتواء هذه القضايا المتشابكة بلغة الواثق، وبأسلوب القائد الشامل، الذي يجيد التحدث بلغة العصر، وبلاغة السياسة، ودقة الأمن القومي، ورؤية المستقبل. لقد عبّر أكثر من مسؤول دولي ومراقب مستقل عن الانبهار بشخصية سمو الأمير محمد بن سلمان، بوصفه قائدًا من الطراز النادر، لا تتكرر مواصفاته إلا في صفحات قليلة من سجلات القيادات العظيمة في العالم. السعودية: مركز الثقل العربي والدولي .. لقد أثبتت المملكة العربية السعودية، بفضل قيادتها الحكيمة، أنها ليست مجرد دولة في خارطة الجغرافيا السياسية، بل مركز الثقل العربي أولاً، والإقليمي والإسلامي والدولي ثانياً. فهي اليوم تحمل ملفات المنطقة الأكثر تعقيداً وتشابكًا، وتديرها برؤية متزنة، ترتكز على الحوار، والاستقرار، وحماية المصالح المشتركة. وفي وقتٍ يعاني فيه العالم من تصدّع المواقف وتضارب المصالح، برزت المملكة كصوت عاقل ومؤثر، تمتلك أدوات الضغط والتأثير، وتدير توازنات دقيقة بين القوى الكبرى، دون أن تتنازل عن ثوابتها أو هويتها. لقد أصبح واضحاً أن المبادرات الكبرى، والمصالحات التاريخية، والمشاريع التحولية في المنطقة لا تتم إلا إذا كانت الرياض حاضرة في قلب القرار، وهذا لم يكن ليتحقق إلا بقيادة واعية، وشخصية سياسية بحجم وحنكة الأمير محمد بن سلمان. نمط قيادي يصنع الفارق .. إن النمط القيادي الذي يجسّده سمو ولي العهد لا يقوم فقط على الخطابة ولا على الحضور الرمزي، بل يقوم على الإدارة الاستراتيجية الشاملة، والحضور الفعّال، والقدرة على صنع القرار تحت الضغط، والتواصل مع قادة العالم بنديّة واحترام، يجمع بين الأصالة والتجديد. فهو لا يمثل السعودية في المحافل فحسب، بل يمثل صورة السعودية الجديدة التي تبني اقتصاداً متنوعاً، ومجتمعاً واثقاً، ودولة تتقدم بثقة نحو المستقبل، دون أن تتخلى عن جذورها وهويتها. *رسالة للعالم: هنا السعودية الجديدة *.. أظهرت زيارة ترامب – كما غيرها من المحطات الدولية – أن المملكة العربية السعودية ليست مجرد لاعب إقليمي، بل قوة دولية صاعدة بقيادة شابة مدركة لأدوات العصر. وأن الأمير محمد بن سلمان هو أحد القلائل الذين لا يتحدثون عن المستقبل، بل يصنعونه. لقد قرأ العالم في تفاصيل اللقاءات، في أطر الحوار ، في توقيت التصريحات، وفي ترتيب الأولويات، أن القيادة السعودية تكتب فصلاً جديداً من الريادة، بروح شابة وحنكة متفوقة، تجمع بين الإخلاص للشعب والريادة في التعامل مع العالم. …(دمت شامخاً يا وطني الحبيب)…