أَمُعَلِّمِي .

أَمُعَلِّمِي نَطَقَ اللِّسَانُ فَكُنْتَ بُرْءَ تَلَعْثُمِي وَأَزَالَ عَنْ خَجَلِ الطُّفُولَةِ مِنْبَرِي وَحَكَى عَنِ الوَصْلِ الجَدِيدِ بِعَالَمِي وَمَضَى يُفَتِّقُ عَنْ صُنُوفِ مَعَارِفِي *** أَمُعَلِّمِي أَنْتَ اصْطِبَارُ الصَّدْرِ حِينَ تَرَدُّدِي وَوَقُودُ أَحْلَامِي وَسِرُّ تَوَهُّجِي أَنْتَ الذِي أَجْرَيتَ في لُغَتِي مَحَاسِنَ مَنْطِقِي وَسَكَبْتَ مِنْ جُهْدِي جَواهِرَ قُوَّتِي *** حَدَّثْتَنِي عَنْ عِزِّ حَاضِرِنَا المَجِيد فِي ظِلِّ قَائِدِنَا الرَّشِيد وَرَقَيْتَ بي في سُلَّمِ المَجْدِ الفَرِيد عَلَّمْتَنِي دَرْسًا مِنَ التَّاريخِ يَرْوِي قِصَّةً عَنْ مَجِد أُمَّتِنَا القَدِيمِ، وَطُفْتَ بي نَحْوَ الحَضَارَةِ في عُصُورٍ سَالِفَة سَافَرْتَ بي، في الأَرْضِ ثُمَّ أَرَيتَنِي أَنْهَارَ مَاءٍ في الوِهَادِ تَدَفَّقَتْ وَصَحِبْتَنِي، نَحْوَ الجِبَالِ، عَبَرْتَ بي بَينَ اليَبَاسِ وَرَوعَةِ الأزْهَارِ وَفَتَحْتُ آفَاقَ السُّؤالِ، أَجَبْتَنِي كَيفَ الصُّخورُ تَحَجَّرَت؟ كَيفَ المُزُونُ تَشَكَّلَتْ؟ كَيفَ النُّجُومُ بِنُورِهَا كَانَتْ حَيَاةً وَانْتَهَتْ؟ كَيفَ المُنَاخُ هُنَا تَغَيَّرَ عَنْ هُنَاك؟ وَمَتَى الرَّبيعُ يَبُوحُ أَسْرَارَ الجَمَال؟ وَمَتَى الشِّتاءُ يَكُونُ للأَرْضِ الهَلاك؟ وَأَشَرْتَ لِلْجَبَلِ البَعِيدِ، سَأَلْتَنِي عَنْ شَكْلِهِ، وَنَقَلْتَنِي، من دَهْشَتِي لِعَجَائِبِ النَّحْتِ التي قَدْ جُسِّمَتْ في الصَّخْرِ، في المُدِنِ التَّلِيدَةِ والعُلا وَعُدْتَ بي لِلآنَ بَعْدَ تَوَسُّعِي كَلَّفْتَنِي، أَنْ أَرْسُمَ الشَّكْلَ البَدِيعَ مُجدَّدًا بِالسَّطْرِ، في لُغَةِ الحِسَابِ وَمَسْلَكِي فَرَسَمْتُهُ، أَحْسَنْتُ بُنْيَانًا بِهِ وَغَمَرْتَنِي، بالشُّكْرِ حَينَ رَأَيْتَهُ وَعَرَفْتَ أَنِّي دائماً جَاهَدْتُ صَبْرًا كَي أَصِلْ أَمُعَلِّمِي هَاقَد وَصَلْت فَلَكَ التَّحِيَّةُ أَنْتَ أُسُّ صَنَائِعِي