
إن الصورة المغروسة في الذهنية العامة عن العاملين في القطاعات العسكرية تتلخّص في أنهم يتّصفون بالصرامة والشدّة وعدم التساهل بمعنى أن العاطفة هنا مخبّأة أو على التحديد محيّدة، ونحسب أن تلك الصفات من متطلبات الوظيفة العسكرية والمهمات المنوطة بشاغلي هذه الوظيفةالحيويةفي البلاد. ورغم هذه الصورة، إلّا أن موسم الحج يؤكّد أن جميع المتعاملين مع القطاعات العسكرية -على مختلف أنواعها وبجميع الرتب العسكرية- يشاهدون تدفّقاً عاطفيّاً وإنسانيّاً لا مثيل له ولا نظير. إذْ إن اللباس العسكري صار دليلاً إلى الرفق واللطف والنجدة والمساعدة بشتّى أشكالها وفي جميع الأوقات. إن الروحانية في المكان والزمان في موسم الحج جعلَت الابتسامة أصبحت العلامة المميزة والدائمة على وجوه أبنائنا من العاملين في خدمة الحجيج ومن أجل أمانهم وصحتهم وأدائهم مناسكَهم في يسر وسهولة. الابتسامة حاضرة واليد ممدودة إلى الحجاج القادمين بتعدّد الجنسيات واللغات والأعمار والثقافات. المبادره في تقديم الخدمة والمساعدة هي عنوانهم العملي والوحيد. يمارسون عملهم وقوفاً وتحت أشعة الشمس، وإنْ أعياهم التعب والارهاق ليس البدني فقط بل حتى النفسي جرّاء الضغط الكثيف الذي بواجهونه؛ فلا ينال ذلك من همّتهم ولا من مبادراتهم الإنسانية المتفهّمة والرحيمة. ذلك أننا نعرف جيداً أنهم ألزموا أنفسهم بخدمة ضيوف الرحمن.. ومع ما يمرّون به؛ نجدهم في قمة الصبر والتحمل والحضور الذهني والجسدي، ودائما.. دائما: “الابتسامة السعودية” في مقدّمة التعامل. ما أقوله ليس سرداً من باب خيال بل هي صور تشاهَد من الجميع وضمن الممارسة اليومية في أيام الحج: - مبادرة أبنائنا بمختلف رتبهم العسكرية في تقديم المساعدة. لا ينتظرون أن يتقدم لهم أحد يطلب الخدمة بل عندما يلمحون الحاج مقبلاً عليهم أو أن ملامح الحيرة تعلو وجهه؛ نراهم فوراً يبادرونه بالاستقبال وسؤاله عن حاجته. - عندما يرى الحاج وقد أعياه التعب يبادر بحمله على كتفيه ليوصله إلى مقر سكنه أو مبتغاه. - صورة العسكري وهو يجثو على ركبتيه مبادراً بمساعدة الحاج في تطبيب قدميه ومساعدته. - يحمل رشّاش ماءٍ بارد لترطيب وجوه الحجّاج وتخفيف أثر التعب وحرارة الجو. - الحديث بهدوء وسكينة مع طلبات الحجيج، وإبداء الصبر والاستماع إلى طلباتهم وإن كان الطلب غير مسموح به أو غير متاح، يعتذر رجل الأمن له والابتسامة تعلو محياه. تلك مجرد صور بسيطه مما يفعله أبناؤنا من رجال الأمن. وكل ذلك يحدث ونجد الأثر الإيجابي له في نفوس الحجيج حيث موقف العاطفة الكبير من خلال لحظة الوداع؛ حيث نهاية المهمة بأمن وسلام وطمأنينة.. فيكون ذلك الوداع بينهم وبين الحجيج بالعناق والشكر والدعاء لهم، وأكثر من ذلك نرى مشهد بكاء بعض الحجيج عرفانا منهم على ما قدّمه لهم أبطالنا خلال موسم الحج . لقد ثمّن أبناؤنا شرف المكان والزمان وشرفهم الله بهذه المهمة العظيمة؛ فقوبلت بالترحاب والعرفان لهم من الجميع. لهم منا الدعاء بظهر الغيب، وأن يجزيهم المولى خير الجزاء على جميل صنيعهم ومعروفهم، وعلى هذه الصورة الباهرة عن خدمات وطننا ورجاله نحو ضيوف الرحمن.. هذه الصورة التي رأيتها بعينيّ هذا العام ورآها غيري قبل ذلك وفي كل موسم حج؛ رأيَ العين وعبر الشاشة وعبر التوثيق في الصور وفي مشاهدات الحجيج وما ينقلونه للناس وإلى أهاليهم ومعارفهم. هذه السيكواوجيه للعسكري السعودي في هذا الحدث الاكبر على مستوى العالم يحتاج الي ان يُدرس ..