(‏لا أُرى، ولا يُهتدى بي).

‏تبقّى القليل.. القليل جداً ‏لأصل إلى الضفة الأخرى ‏كم يبدو الطريق طويلاً ‏كل شيء فيّ يشي بالإنهاك ‏لطالما أردت أن أعيش ‏مثل قطرةٍ في منتصف المطر ‏لا أُولى ولا أخيرة ‏لا تُرى .. ولا يُشاد بها ‏تعبت.. ‏من كوني اللافتة ‏ومن النوافذ التي تراقبني ‏تعبت.. ‏من تفسير الأشياء ‏من الوقوف الطويل ‏ومن كوني الخيار الأول دائماً ‏تعبت.. ‏من أن يكون حضوري واضحاً كفاصلة بين الجمل ‏ومن الابتسامات التي تكلّفني الكثير ‏تعبت.. ‏من محاولاتي، ‏كحجرٍ يتوسط نهرًا ‏تتعثر به المياه .. فتفضحه الدوائر ‏تبقّى القليل.. ‏خطوة واحدة ‏خطوة واحدة وأخيرة ‏لأكون خفيفاً كرمشة عينٍ في شارعٍ مزدحم ‏خطوة واحدة، وأعود.. ‏وجهًا يشبه بقية الوجوه في صورة جماعية ‏أو كقشةٍ في هواء القرى ‏لا تزعج أحدًا.. ولا تُذكر في نشرة الغد ‏تبقّى القليل فقط ‏خطوة واحدة ‏وأخلع فيها ذلك الثوب الذي ضاق عليّ ‏لأنزل إلى المقاعد الأخيرة.. ‏وأمشي بخفّة الذين لا ينتظرهم أحد ‏خطوة واحدة أخيرة ‏وأصبح مثل جارنا الذي لا يعرف أحدٌ اسمه ‏مثل من تُنسى وجوههم سريعاً ‏مثل من لا تُربك أخطاؤهم سوى أنفسهم ‏مثل الذين لا تُحسب أعمارهم إلا على أصابعهم ‏خطوة واحدة أخيرة ‏لأصحو متأخرًا بلا ذنب ‏أضحك إن أردت ‏أغيب إن أردت ‏أكون.. فقط أكون .. كما أنا ‏لا لقب ‏لا صفة ‏لا شيء آخر ‏تبقّى القليل.. ‏القليل جدًا ‏لأصبح عاديًّا ‏عاديًا بما يكفي.. * الجهراء