ماذا تقول الريح؟

ما زلتُ روحًا غريبًا لم يجد جسدا يأوي إليهِ، ومنفىً لم يجد بلدا يضمُّه، كلما خِلتُ الخلاصَ دنا مني، نأى في دروب التيه مبتعدا كم رحتُ أعصفُ بالأشجارِ، أودعُها سري، وحلّفتُها: لا تخبري أحدا! وكم تهدّج مني الصوتُ مرتجفًا بين الجبالِ، كأمٍّ ضيّعتْ ولدا لا بيتَ لي! لا يدٌ تحنو، ولا كتفٌ تدنو لتبلغنا من أمرنا رَشَدا قوافلي في مدى الصحراءِ ما تعبت من الرحيل، وما ضلّتْ بها أبدا وما وفى ليَ غيرُ الرملِ أسكِنُهُ روحي، ليعصفَ مرتابًا بغير هدى لا ظل لي فوق هذي الأرض يتبعني إذا مشيتُ، كأنْ صوتٌ بِغَيْرِ صدى حقيقتي عزَبتْ عني، وأكثرُ ما يفتُّ في الروحِ أني لم أَجِد جسدا وحدي خلقتُ، ووحدي قد بقيتُ، فما عرفتُ مثلي وحيدًا واحدًا أحدا