معرض جدة للكتاب 2025..

مساحة ثقافية منوعة تتسع للجميع.

بدا معرض جدة للكتاب 2025 للزائر مشهدًا ثقافيًا مكتمل الأركان، يفتح نوافذه على المعرفة بأنواعها، ويؤكد في كل دورة حضوره بوصفه حدثًا يتجدد، فمن كتاب إلى مسرح، ومن ندوة إلى شاشة سينما، تتسع خارطته عامًا بعد عام لتحتضن فعاليات نوعية تثري المشهد الثقافي وتلامس ذائقة الزوار. شارك 1000 دار نشر ووكالة محلية وعربية ودولية من 24 دولة، موزعة على 400جناح، قدمت 195 عنوانًا، تخللها 176 فعالية، كانت حصيلتها توافد أكثر من 650 ألف زائر. ديوان الألمعي بين يدي محبيه. دشّنت هيئة الأدب والنشر والترجمة، ديوان الشاعر الراحل محمد زايد الألمعي بعنوان «أنتم ووحدي» وذلك في إطار جهودها المتواصلة للعناية بالمنجز الأدبي السعودي، وصون ذاكرة رموزه الإبداعية، وإعادة تقديم أعمالهم في سياق معرفي موثّق. وحضر الديوان متضمّنًا أربعة أجزاء موزعة على 372 صفحة تشمل بواكير، ومتون، وقصائد من الجبل، وأغاريد، ليقدّم تجربة شعرية متكاملة تستعيد المكان والذاكرة والإنسان بروح الجنوب. وأكد الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور عبد اللطيف الواصل أن تدشين هذا الديوان يأتي ضمن رؤية الهيئة في حفظ الإرث الأدبي الوطني، والاحتفاء بالأسماء التي أسهمت في تشكيل المشهد الثقافي السعودي، مشيرًا إلى أن محمد زايد الألمعي يُعد من الأصوات الشعرية التي عبّرت بصدق عن بيئتها، وقدّمت تجربة إبداعية مميزة لا تزال حاضرة في الذاكرة الأدبية. حضور السينما السعودية. توّج المعرض برنامجه الثقافي بفعالية نوعية، ولأول مرة تشهده معارض الكتاب في السعودية، حيث حظي الزوار بمشاهدة عروض سينمائية لأفلام سعودية في المسرح الرئيسي للمعرض يوميًا، كانت محل اقبال وحفاوة الزوار. وتأتي هذه الخطوة من هيئة الأدب والنشر والترجمة دعمًا للأفلام السعودية، وإرساء الثقافة في شموليتها، وذلك بالتعاون مع هيئة الأفلام، وامتدادًا لجهود وزارة الثقافة ممثلة بهيئاتها في تمكين الإبداع الوطني، وتعزيز حضور المحتوى السعودي بمختلف أشكاله. احتفاء رواية بالسينما. وضمن توجّه يعزز التكامل بين الأدب والسينما، ويسهم في تقديم قصص محلية، شهد المعرض توقيع اتفاقية لتحويل رواية «القبيلة التي تضحك ليلًا» إلى عمل سينمائي. وفي تصريح لليمامة، أكد المخرج والمنتج أسامة الخريجي أن تحويل الرواية إلى فيلم يأتي انطلاقًا من إيمانه بقوة النص الأدبي السعودي، مشيرًا إلى أهمية تقديم قصص تنبع من الإنسان المحلي وتحمل أبعادًا إنسانية قادرة على مخاطبة جمهور واسع. من جهته، عبّر الكاتب والروائي سالم الصقور عن سعادته بهذه الخطوة، معتبرًا أن الانتقال من النص المكتوب إلى الصورة السينمائية يمنح الرواية أفقًا جديدً، وأضاف» أثق بأن التجربة السينمائية ستفتح للنص أفقًا جديدًا، وتمنحه قراءة مختلفة تحافظ على روحه وتعيد تقديمه لجمهور أوسع. لقاءات تفاعلية. شهدت معظم الندوات الحوارية نقاشات لافتة، حيث أحيا المعرض ما يقارب 28 ندوة حوارية اتسمت بالتنوع، وبمشاركة نخبة من الأسماء السعودية والعربية. واختار معرض جدة للكتاب ٢٠٢٥ دور الجمعيات المهنية في تنمية الصناعة الثقافية بالمملكة العربية السعودية، عنوانا لندوة حوارية أدارها الأستاذ محمد العقلا. وأوضح الرئيس التنفيذي لجمعية الترجمة عبد الرحمن السيد أن الجمعيات المهنية الثقافية تمثل تشكيلًا حديثًا في المشهد الثقافي السعودي، وصوتًا مهنيًا للممارسين أمام الجهات الرسمية وسوق العمل، مشيرًا إلى دور هذه الجمعيات في حصر المبدعين، ورفع وعيهم المهني، وتصنيفهم وفق قدراتهم، واستقطاب أعضاء جدد، إضافة إلى العمل على إعداد دليل سعودي للمهن. وأكد مدير عام الجمعية السعودية للثقافة والفنون خالد الباز أن إنشاء الجمعيات المهنية جاء بأمر ودعم مباشر من وزارة الثقافة، بهدف إحداث نهضة ثقافية وفنية شاملة، وتعزيز مشاركة الأفراد في الحراك الثقافي، ولا تحصره في الجهات الحكومية، مبينًا أن التحدي لا يكمن في عدد الجمعيات، بل في جودة أدائها. بدورها تناولت لولوة الشقحاء التحديات التي رافقت تأسيس الجمعيات المهنية، وفي مقدمتها صعوبة الوصول إلى المبدعين، وبناء قواعد بيانات، وتنظيم العمل المؤسسي، مستدلة بجمعية الأزياء المهنية وتجاوزها لتحديات بعد إرساء بنيتها التحتية، لتضم اليوم نحو 6 آلاف عضو. وبإدارة الشاعر محمد عابس، تحدثت الروائية فاطمة قنديل في ندوة «تابو السيرة الذاتية عربيًا» عن إشكاليات كتابة السيرة الذاتية في الثقافة العربية، وحدودها الفنية والاجتماعية، معتبرة أن السيرة الذاتية حياة موازية للكاتب، وأن فِعل الكتابة هو مقاومة عميقة لإحساس الإنسان بالفناء، وضرورة للإفصاح عمّا لا يراه أو يعلمه الآخرون، إلى جانب كونها أداة لكسر النمطية السائدة في الكتابة، وأن التجمّل شرط أولي في هذا النوع من الكتابة، بوصفه وعيًا جماليًا لا تزييفًا للحقيقة. وتطرقت قنديل إلى علاقة السيرة الذاتية بالسلطة، وميلها إلى مصطلح كتابة الذات بدلًا من السيرة الذاتية، وأن معظم كتّاب هذا اللون الأدبي يمارسون قدرًا من المراوغة، وأن الشجاعة شرط أساسي في كتابة الذات، مؤكدة أن تعرية الذات تقود بالضرورة إلى تعرية الآخر، وأن الكاتب مطالب بامتلاك جرأة أخلاقية وفنية لخوض هذا المسار الإبداعي المعقّد. وتحدث الأستاذ سلطان الغشيان في ندوته الحوارية عن «الرياضة كمنصة للتواصل الثقافي والإعلامي» مسلطًا الضوء على التطور الرياضي، وما حظي به من دعم رسمي استثنائي منذ عام 2017م، وما نتج عن ذلك من استقطاب أسماء عالمية بارزة. وأوضح «يعد الدعم الرياضي انعكاسًا لمرحلة تطويرية شاملة تعيشها الرياضة في المملكة، وتعزيزًا لمكانتها على خريطة الرياضة الدولية، ما أسهم في بناء جسور تواصل جديدة مع بقية العالم، وأصبحت الرياضة السعودية قبلة لملايين المشاهدين من مختلف الدول.» وكان زوار المعرض ومحبي الموسيقى على موعد مع ندوة علمية بعنوان «المقامات الموسيقية العربية من منظور رياضي فيزيائي» ألقاها الدكتور محمد الدربي، كاشفًا فيها العلاقة الوثيقة بين الموسيقى والعلوم الدقيقة، وكون الموسيقى علمًا يقوم على قوانين الصوت والفيزياء والرياضيات، إلى جانب بعدها الجمالي والفني. وذكر «أن الفن الموسيقي يقوم على التعبير الإنساني والحدس والجمالية والقيمة الإبداعية، في حين يكشف المنظور العلمي عن البنية الدقيقة للصوت وكيفية تشكّل النغمات، مع إمكانية دراسة المقامات العربية عبر قياس تردد كل نغمة ضمن سلالم المقامات، وتحليل نسب التردد بين الأنغام، بما يتيح تعريف المقام النغمي تعريفًا علميًا دقيقًا. وزوّد الكاتب ابراهيم اصلان زوار المعرض بمفهوم الهوية الثقافية الشامل وتحولاتها، في ندوة حوارية أدارها الأستاذ محمد باسلامه، أكد فيها أن الهوية كائن حيّ يتطور عبر احتكاكه بالماضي وتفاعله مع الواقع المعاصر، وأن مرونة الهوية تمثل شرطًا أساسيًا لاستمراريتها، في ظل تغيرات واضحة شهدتها ملامح الهوية خلال السنوات الأخيرة، مما يفرض على المثقف التكيّف مع هذه التحولات، للحفاظ على علاقة متوازنة مع اللحظة الراهنة. وأضاف «على المثقف اليوم أن يكون قريبًا من أدواته، وأن يدرب نفسه على التعامل مع المستجدات، وأن الذكاء الثقافي الحقيقي يقوم على قراءة الواقع دون فقدان الصلة بالجذور، والارتباط بالعولمة بات أمرًا حتميًا، غير أن الذوبان فيها ليس خيارًا». وأدارت الدكتورة صباح عيسوي ندوة بعنوان «بناء ممارسات الكتابة التأليفية لدى الطفل» تحدث فيها الدكتور عبد العزيز الشيخ، عن الحوار المفتوح مع الطفل بوصفه حجر الأساس في بناء شخصيته الإبداعية، وما يتيحه من فهم عالمه الداخلي، والتعرّف إلى تساؤلاته ومشكلاته، وتهيئته للتعبير عن ذاته بلغة واثقة منذ سن مبكرة. وحث الشيخ على عدم ترك الطفل للتعامل مع وسائل الذكاء الاصطناعي «لما قد يشكله من خطر على استقلالية تفكيره والاكتفاء فقط بتوظيفه أداةً مساندة ضمن إطار تربوي واعٍ، يحفظ للطفل خياله ودوره الفاعل في التعلم». وقدم المذيع مفرح الشقيقي ندوة استضيف فيها السفير السعودي السابق عصام الثقفي، وحديث حول دور الدبلوماسية الثقافية في تعزيز الصورة الذهنية للدول، وبناء جسور التواصل الحضاري. وأوضح الثقفي أن العمل الدبلوماسي يُعد فنًا في إدارة العلاقات بين الدول، من خلال تمثيل رسمي يقوم به دبلوماسيون موثوق بهم لحماية مصالح دولهم ومواطنيهم في الخارج، وتعزيز العلاقات الدولية في مختلف المجالات، موضحًا أن الدبلوماسية الثقافية إحدى أهم أدوات هذا العمل، لما لها من دور فاعل في التعريف بثقافة الدول، وفنونها، وقيمها الإنسانية، وأن الدبلوماسي السعودي من بين الأكفأ على المستوى الدولي، مشيدًا بدور معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية، وبرامج التدريب في المنظمات الدولية، والعمل الميداني في سفارات المملكة حول العالم. جلسات نقاشية منظمة. ونظم المعرض ما يقارب 44 ورشة عمل، اتسمت بالتنوع، وتناولت مواضيع حيوية متسقة مع رؤية 2030سواء على مستوى الذكاء الاصطناعي، أوتسويق المحتوى، قدمها أكاديميين ومثقفين ومدربين معتمدين. وقدم الشاعر والكاتب هاشم الجحدلي ورشة عمل بعنوان «توظيف اللهجات المحلية في الكتابة المعاصرة» أكد من خلالها أن اللهجات المحلية من المكوّنات الثقافية الحية في المجتمعات العربية، وأن توظيفها في الكتابة الإبداعية يمنح النص بُعدًا إنسانيًا أعمق، معززًا حديثه بعرض نماذج أدبية نجحت في توظيف اللهجات المحلية، مستشهدًا بإسهامات سعد الصويان في توثيق اللهجات، باعتبارها مكوّنًا ثقافيًا وهُويًّا، إضافة إلى تجربة الروائي عبده خال، التي رسّخت حضور اللهجة المحلية في الرواية السعودية المعاصرة، مع المحافظة على توازن لغوي يخدم النص ويعزز مصداقيته الفنية. وأقام المعرض ورشة عمل حول «إستراتيجيات المحتوى الفعّال في المنصات الرقمية» قدّمتها فاتن الذياب، وهدفت إلى تمكين المشاركين من صناعة محتوى رقمي مؤثر، يقوم على وضوح الهدف، ودقة الرسالة، وحسن توظيف الأدوات الحديثة. وتطرقت ذياب إلى أساليب صناعة المحتوى، مبينة أن الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة في الكتابة، يمكن الاستفادة منه في توليد الأفكار، مع ضرورة حضور الكاتب في الصياغة النهائية، منبهة على الأخطاء الشائعة الناتجة عن الاعتماد غير المنضبط على الذكاء الاصطناعي. وكان زوار المعرض على موعد مع ورشة عمل بعنوان «التسويق الاحترافي للباحث عن العمل» حيث عرّف فيها الأستاذ هاشم آل تركي بإستراتيجيات الحصول على وظيفة، من حيث مهارات تسويق الذات، وكتابة السيرة الذاتية، واجتياز المقابلات الشخصية باحترافية للباحثين عن وظائف، وبيان أفضل الطرق لتسويق الذات أمام صاحب العمل، ، مبينًا أن إستراتيجية البحث عن وظيفة تستند إلى الزيارة الميدانية، والعلاقات، والمعرفة، والاتصال، وبرامج التدريب، والتطوع، ووسائل التواصل الاجتماعي، والمعارض واللقاءات والمؤتمرات، والذكاء الاصطناعي، وإعادة التشكل والتموضع حسب توجه السوق. وتحدثت عائشة كرمان مع زوار المعرض حول أسباب القلق والضغوط النفسية، وسبل الوقاية منها، وإدارة التوتر، منبهة الضغوط النفسية تنشأ غالبًا من صراع داخلي بين الوعي واللاوعي، وأن التوتر يتولد حين يجاري الإنسان ضغوط المجتمع على حساب قيمه الداخلية، مع قمع المشاعر، وتجاهل الاحتياجات النفسية، وارتداء أقنعة تتجاوز قدرته الحقيقية بدافع إظهار القوة أو المثالية، وهذا يراكم الإرهاق النفسي على المدى الطويل. وأثرى المسرحي إبراهيم الحارثي الزوار بمعلومات حول كتابة الحوار الفعّال في النص الأدبي، مركزًا على الدعائم الجوهرية لكتابة النص المسرحي، وأهمية الحوار في تشكيل الشخصيات ودفع الحدث الدرامي، متتبعًا تطوّر المسرح عبر مراحله المختلفة، وتاريخ المسرح الإغريقي، وكونها أ»حد الأسس المؤسسة للفعل الدرامي» وقبل أن يتناول معالجة الحكاية، وضرورة إحكام المصطلحات المرتبطة بالتعبير المسرحي، وفهم دلالاتها الجمالية والسردية لدى الكاتب. وناقشت الدكتورة عبير القحطاني في «آليات الترجمة الذكية ومعضلاتها التقنية» مفهوم الترجمة الذكية وتطورها التاريخي، وأهميتها، إلى جانب آليات عملها والتحديات التي ما زالت تواجهها، خاصة في ما يتعلق باللغة العربية. وقالت:» أن الترجمة الذكية تعتمد على أنظمة حديثة تبني نماذج احتمالية واسعة، وتسعى إلى توقّع الترجمة الأنسب اعتمادًا على السياق العام للنص» معللة تضاعف التحديات عند تعامل الترجمة مع اللغة العربية، ومبينة عجز الترجمة الذكية أحيانًا عن نقل بعض المصطلحات والكلمات العربية بالمعنى نفسه، مما يجعل الاعتماد الكلي على ترجمة الآلة أمرًا غير ممكن «فالترجمة الذكية أداة مساندة تُبرز حدود الآلة من جهة، وتؤكد من جهة أخرى أهمية وعي المترجم، وحسّه الثقافي، ودوره الإنساني في اتخاذ القرار السليم حيال الترجمة». وتناول الدكتور أنس الغامدي دور الذكاء الاصطناعي في دعم عمليات اتخاذ القرار، مع التركيز على مجالات الأدب والنشر والترجمة، بوصفها مجالات معرفية تشهد تحولات رقمية متسارعة، مبينًا كيفية توظيف النماذج التنبؤية في تحليل البيانات، ودعم قرارات النشر، وفهم توجهات القرّاء، واختيار المحتوى، إضافة إلى تحسين جودة الترجمة، وتوجيه المشاريع الأدبية وفق معطيات دقيقة. أمسيات شعرية تنافس عليها الفصيح والنبطي. وعاش زوار معرض جدة للكتاب 2025 أجواء شعرية، عبر أمسيات شعرية اتسمت بالحميمية، ما بين نصوص فصحى ونبطية، أحياها كل من الشعراء: جاسم الصحيح، ونورة عثمان سلامة، وتقديم منال العمري، وشفيق العبادي وإياد حكمي، وقدمها الدكتور سلطان العيسى، وأمسية للشاعر عبدالاله جدع، وأدارتها الدكتورة بدور الفصام، أما الأمسيات الشعر النبطي فقد شدا فيها كل من عمر الودعاني، فيصل بن نماس، وفواز العتيبي، ومحمد السبيعي، ومن تقديم الشاعر مهدي البقمي.