وخيرُ جليسٍ في الزمان ذكاءُ.
مع طفرة الذكاء الاصطناعي، أصبح لدينا طفرة معجمية موازية في المفردات والمصطلحات الحديثة؛ فالذكاء الاصطناعي اليوم يفرض حضوره ووهجه عالميًا من خلال أدوات ذكية تتنافس المؤسسات والشركات في تطويرها، وتقديم خدمات متنوعة في الكتابة والنشر والتصميم والتحقق من المعلومات ومواجهة التزييف وغيرها من التحديات. تهندس له الأوامر فيجيبك، وتحاوره وتجده خير جليس، وربما لو عرفه المتنبي لقال: وخيرُ جليسٍ في الزمان ذكاءُ والذكاء الاصطناعي “يجرح ويداوي”؛ يهلوس أحيانًا ويقدّم معلومات زائفة، لكنه يوفّر أدوات قادرة على كشف التزييف والتضليل، وهو ما يجعل التعامل معه مسألة وعي تعود إلى المستخدم نفسه. واليوم تطل علينا مفاهيم ومصطلحات جديدة، مأخوذة في معظمها من المعجم العربي، لكنها حديثة من حيث تركيبها ودلالتها، فرضتها صناعة الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته. لاحظت ذلك خلال دراستي لمادة “الإعلام والذكاء الاصطناعي” في جامعة الملك عبدالعزيز، وبدا أن بعض هذه المصطلحات مرتبط بالعربية تاريخيًا لا اشتقاقيًا، مثل مفردة “الخوارزميات”، وتعني خطوات منطقية مرتبة لحل المشكلات، وارتبط هذا المصطلح باسم العالم المسلم محمد بن موسى الخوارزمي، لكونه أسّس المنهج الحسابي القائم على التسلسل المنطقي. إلى جانب ذلك، تتوالد مفردات تُنقل إلى العربية ترجمةً دلالية مثل: الذكاء الاصطناعي، والتعلّم الآلي، والتعلّم العميق، والرؤية الحاسوبية، ومعالجة اللغة الطبيعية، أو تُصاغ عربيًا استجابةً لبعض المفاهيم الأجنبية مثل: أتمتة المحتوى، ونمذجة البيانات، وتوليد النصوص، كما دخلت ألفاظ مُعرَّبة صوتيًا إلى التداول الإعلامي مثل: روبوت، وشات بوت، وغيرها. هذه الأمثلة تكشف عن قدرة العربية على التكيّف مع التحولات التقنية، واستيعاب المفاهيم الجديدة التي فرضتها صناعة الذكاء الاصطناعي، وغيرها من العلوم الحديثة.