زيارة ولي العهد تؤسس لموقع المملكة المركزي في اقتصاد المعرفة والبيانات..
الرياض - واشنطن..شراكة استراتيجية تشيّد اقتصاداً للعقود القادمة.
لم تكن زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة مجرد لقاء دبلوماسي عابر، بل جاءت لترسّخ واقعاً اقتصادياً جديداً تتحرك فيه المملكة بثقة وبوصلة واضحة. فالعالم اليوم يدخل مرحلة اقتصادية مختلفة، تقوم على الذكاء الاصطناعي والرقائق الإلكترونية والبيانات وسلاسل الإمداد، والسعودية اختارت أن تكون جزءاً من المعادلة منذ بدايتها، لا متأخرة عنها. شراكة استراتيجية... من النفط إلى موارد القرن الحادي والعشرين لم تكن أجندة الزيارة تقليدية، بل ركزت على ملفات تُعدّ الركائز الجديدة للاقتصاد العالمي، والتي تتنافس الدول الكبرى على الاستثمار فيها بمليارات الدولارات: الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته الصناعية الرقائق الإلكترونية وتصميمها العناصر الأرضية النادرة واستخراجها الصناعات المتقدمة والتحول الرقمي الطاقة النظيفة وتقنياتها الاقتصاد الرقمي وبناه التحتية في هذا المشهد التنافسي، يبرز لاعب جديد بحجم المملكة، بمواردها المالية، موقعها الاستراتيجي، وقدراتها الاستثمارية الهائلة. البيانات... من الخدمات الرقمية إلى الأمن القومي تناولت الزيارة بعمق قطاع البيانات، الذي لم يعد مجرد بنية رقمية، بل أصبح ركيزة أساسية لأمن الدول وقدرتها على إدارة اقتصادها. وحين يتحدث ولي العهد عن هذا الملف، فإنه يتعامل معه كجزء من منظومة تعاون طويلة المدى بين الرياض وواشنطن، تهدف إلى: حماية أمن المعلومات والبنى التحتية الحرجة رفع كفاءة الخدمات الحكومية والخاصة تحسين تدفق البيانات بين آسيا وأوروبا وأفريقيا عبر السعودية جذب استثمارات كبرى في مراكز البيانات والحوسبة السحابية وقد بدأت ملامح هذا التحول تظهر بالفعل مع استقطاب استثمارات شركات كبرى مثل Google وOracle وMicrosoft وNvidia، في مؤشر واضح على تحول المملكة إلى مركز بيانات إقليمي رئيسي. العناصر الأرضية النادرة... نفط الصناعات الحديثة أثار حديث سمو ولي العهد عن الاستثمار في “شيء نادر جداً” اهتمام المراقبين، حيث أشارت التحليلات الاقتصادية إلى أن المقصود هو العناصر الأرضية النادرة، وهي مواد حيوية لإنتاج: الرقائق الإلكترونية وشبه الموصلات البطاريات المتطورة وتقنيات التخزين الأنظمة العسكرية والروبوتات الطائرات والمركبات الكهربائية تمتلك هذه الموارد أهمية استراتيجية تعادل أهمية النفط في القرن الماضي، وتسيطر الصين على معظم إنتاجها العالمي، بينما تبحث الولايات المتحدة عن شركاء موثوقين في هذا المجال. وهنا تبرز السعودية بثقلها الجيولوجي والاستثماري كخيار استراتيجي قادر على لعب دور محوري في هذا السوق. ليس دخول المملكة هذا المجال مجرد مشروع استثماري عادي، بل هو جزء من استراتيجية شاملة لزيادة مساهمة قطاع التعدين في الاقتصاد الوطني ثلاثة أضعاف، وتحويله إلى رافد أساسي للدخل غير النفطي. *سلاسل الإمداد... عودة المملكة إلى قلب الاقتصاد العالمي في عالم يزداد تنافسية على تأمين تدفق السلع والبيانات والطاقة، يبرز الموقع الجغرافي للمملكة كميزة استراتيجية فريدة. فالسعودية تقع عند ملتقى ثلاث قارات، ما يمكنها من: قيادة ممرات لوجستية عابرة للقارات الاضطلاع بدور محوري في الممر الاقتصادي “الهند - الشرق الأوسط - أوروبا” تطوير بنيتها التحتية من موانئ وسكك حديدية لتصبح جزءاً من شبكة الإمداد العالمية هذا الدور يعزز مكانة المملكة كحلقة وصل استراتيجية في الاقتصاد الدولي الجديد. *سعودية جديدة... اقتصاد مختلف ما سبق ليس مجرد أفكار نظرية، بل هو مسار عملي يتشكل على أرض الواقع. ففي السنوات الأخيرة: . تضاعفت الاستثمارات في المجالات التقنية توسعت مراكز البيانات والبنى الرقمية قفزت المملكة في مؤشرات التنافسية العالمية ارتفعت حصة الصادرات غير النفطية تحول الاستثمار في الصناعات المتقدمة من طموح إلى واقع ملموس إنها دولة تبنى الآن برؤية واضحة: دولة قادرة على المنافسة في الساحة العالمية، لا في نطاق الإقليم فحسب. لم تكن الزيارة للبحث في ملفات الماضي، بل لبناء اقتصاد المستقبل. اقتصاد يقوم على الرقائق والبيانات والعناصر النادرة والطاقة المتجددة. وتدخل المملكة هذا المضمار من موقع القوة والاستعداد، لا من موقع المجاملة أو التبعية. إنها السعودية التي تدخل قلب اقتصاد المستقبل..وتتقدم فيه بثقة واقتدار…