رائد القصة العربية وعميد العطاء. 

الأديب الراحل جبير المليحان، كان نبراسًا من نبراس الأدب، وعمودًا من أعمدة القصة العربية الحديثة، ورحيله خسارة للمشهد الأدبي السعودي وعشاق القصة والكلمة الصادقة في أرجاء العالم العربي. لقد كان الراحل ـ رحمه الله ـ أحد أبرز رواد جيل القصة، الذين نحتوا بأقلامهم الحركة القصصية في المملكة.  ولم يكتفِ بالعطاء الإبداعي الشخصي، إنما جعل همه هو خدمة الأدب وأهله، فكان مشروعه الثقافي الكبير «شبكة القصة العربية» منارةً حقيقية جمعت تحت سقفها الإلكتروني معظمَ القاصين والقاصات من السعودية ومن مختلف الأقطار العربية، ليوجد فضاءً للحوار وتبادل الخبرات والتجارب، ويكون منبرًا  للصوت القصصي المعاصر، مساهمًا بشكل مباشر في اكتشاف وتشجيع عشرات المواهب الشابة التي وجدت في هذه الشبكة بيتها الأول. وتتويجًا لمسيرته الحافلة بالعطاء، تولى رئاسة نادي المنطقة الشرقية الأدبي، فكان رئيسًا بحجم المكانة والأدب، لا بالمنصب والسلطة، فعُرف عنه تواضعه الجمّ، وخلقه الرفيع، وروحه الكبيرة التي تتسع للجميع. كان ـ رحمه الله ـ مثالًا للأديب الخلوق، والداعم للآخرين بلا كلل أو ملل، يضع تجربته وعلاقاته الواسعة في خدمة زملائه الكتاب، يشجع المبتدئ، ويحترم المنافس، ويكرم الرموز، فكان أبًا روحيًا للكثيرين. وإلى جانب ريادته، أثرى المكتبة العربية بإنتاجه المتميز بمجاميع قصصية ورواية ومقالات. وظلت كتاباته تتمسك بهاجس الإنسان وهمومه اليومية، بلغة مكثفة ورصينة، تحمل من العمق ما يفوق حجمها. إن رحيل جبير المليحان هو رحيل جيل من العطاء النقي، لكن سيرته وإنجازاته، أصبحت إرثًا لكل قاصّ وقاصّة وجدوا فيه الأب والدليل، كل ذلك سيظل خالدًا يذكرنا بأن للأدب رجاله الذين يبنون ولا يهدمون، ويعطون ولا ينتظرون المقابل. عزاؤنا الوحيد أن سطوره باقية، وذكراه عطرة في قلب كل من عرفه وقَرأ له. رحم الله الأديب جبير المليحان رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله ومحبيه وزملاءه في العالم العربي الصبر والسلوان.