عريــج

يظن القارئ للاسم المعنون في رأس المقالة أني أردت الحديث عن ذلك «العيب الخُلقي « ، أو ربما يعتقد أني أحاول الشرح عن تلك « العاهة المزمنة « ، وليس هذا بالقصد ، ولا هو بالمغزى الذي قصدته من مقالتي . « عريج « اسم لطفل سوي يمشي بطلاقة متناهية ، ويركض بأريحية تامة . لم تحروله إعاقة بل شلَّ عالمه قرار ، وكسَر طفولته اختيار. وأي اختيار !؟ إنَّه اختيار - اسمه - الذي أصابه بعزلة مفرطة ، وأوصله لانطواء متواصل . لم يخطر أبدا في بالي أنا وبعض زملائي المعلمين بما فيهم المرشد الطلابي في إحدى المدارس الابتدائية قبل سنوات ونحن نقف على حالة الطالب التي تطورت حد البكاء ؛ أنَّ السبب الذي أوصله لتلك المرحلة المحزنة هو انزعاجه من اسمه ؛ والذي أصبح - بسببه -مادة مضحكة يتناولها الطلاب في جو من التنمر والسخرية . « عريج « هذا الاسم وبعد تقصٍّ وبحث مع بعض المقربين من الطالب توصلتُ إلى دوافع اختيار هذا الاسم بالتحديد ! ولأنَّ « شر البليّة ما يضحك « فقد تبين لي أن «عريج « اسمٌ ( لوادٍّ ) كان يقطن قريبا منه والد هذا الطفل حين ولادته فسمَّاه به ؛ كعادةٍ نشأت عند الكثير من أبناء البادية الرُّحَل ، وعلاقة وطيدة تشكلت مع ماحولهم من تضاريس يمرون عليها يوم - ضعنهم ويوم إقامتهم - ؛ مما دفعهم لتسمية أبنائهم بها « ولعا وتعلقا « . « عريج « حالة للعديد من - الحالات - التي تعج بها أوساطنا المجتمعية ، ومؤسساتنا التعليمية. تحتاج لمن ( يرعى) ميولهم و( يراعي ) مشاعرهم ولو وسعنا دائرة البحث لتكشّف لدينا ما هو أبعد من مرارة اختيار اسم ، وأكثر من ضرورة إشباع عاطفة .