كهنة الميديا الـجُدد.

ابتلينا هذا الزمان بمنُظرين جُدد، خليطٌ ما بين مُنجمين وقبوريين وعُباد الطبيعة، وكثيرهم خرجوا للحياة منعمين بالسندس والحرير، وآخرين حازوا الشهرة من مشاهد ساخرة أو حتى فاضحة وبذاءات لفظية، كفيلة أن جعلتهم في موضع الصدارة، لتلقين العباد سبل الكسب الحلال، هؤلآء اجلسوهم على كرسيٍ وثير ومن باب الاستظراف وعلى سبيل الاريحية ظهروا بدون شماغ وعقال أو حتى لباس الخواجات، وقالوا لهم خذوا المايك، تحدثوا للمُتعَبين قدّس الله سرّكم، ليبدأو بعدها سرد كراماتهم وكأنهم أولياء الله الصالحين. نعم الدعاء والصلاة شأنّهما عظيم لكن كثرة الاسقاطات على مَنْ لَمْ يرزقهم الله حظاً من الدنيا وكأنهم أباليس شيءٌ فظيع بل ومريع حقاً، قرأت مرة وصفة أحدهم حول أسباب أن تكون كائناً مُعطّلاً وهذا يعود لأنك قليل دين وعاق للوالدين، قاطع لأرحامك حتى وإن كانوا هم أنفسهم الشيطان الرجيم، خامل وكسول، طبعاً لا تصلي لا تتصدق وزد عليها ما شئت من الموبقات والسيئات ! هؤلآء كثرت أحاديثهم البودكاستيه وجعجعتهم على منصة إكس وكأنهم حازوا الحصانة الإلهية وبيدهم صكوك الغفران ، هذا في الجنة وهذه في النار، هم وحدهم دون البشر المنزهون الزاهدون، الصادقون مع ربهم، المتصدقون من كدّهم، البارون بوالديهم، هم من احتكر الصفوف الأولى في المساجد فوالله ما يسبقهم إليها أحد، هم من يستحق أن يرزقهم الله وحدهم ويصب عليهم الرزق صبّا، وكأن الباحثين عن الرزق الحلال أبعد ما يكونون عن أوجه البر والإحسان لا يُحلون حلالاً ولا يحرمون حراماً، امتلأوا بالحسد فعاقبهم الله، لا يَسعون في الأرض ولا يطرقون أبواب الرزق، متذمرون ساخطون وعلى عباد الله ناقمون لذا جارت عليهم الحياة. من أنتم يا رعاكم الله فتشتم النوايا قسمتم الأرزاق حاكمتم العباد، الله يرزق من يشاء المسلم ومن بلا دين، المعافى والمعتل، الحاذق والبليد، القاطع والواصل، البار والعاق كل ذلك بحكمته كما يعافي يبتلي، كما يمنع يعطي، كما فتحها بوجهك اليوم سيفتحها في وجه غيرك غداً وربما يسلب ما اعطاك ويضاعف لذاك العطاء، وهبك مال وجاه وصحة ومنح غيرك قبول وطمأنينة وسلام، هي أرزاق موزعة لا أحد مُعدمٌ بالكلية ولا أنت الذي ستُغدق عليه السماء دائماً، النوايا والخبايا وحده الله من يعلمها، فمتى يتوقف أمثال هؤلآء عن صفصفة الكلام، ويتحدثوا بواقعيةٍ ونضجٍ واتزان.