في مكتبي جنية.

ماكنت لأكتب عن هذه الحكاية - خوفا من عدم تصديقها - لولا أني قرأت موضوعا مشابها لها في إحدى الجرائد ، هذا الموضوع جاء تحت عنوان عريض يقول : “ جان سيرلانكي يتلبس امرأة “ وفي سياق النص ، أن المرأة كانت عربية، وأنها عند عرضها على أحد المعالجين بالرقية الشرعية كانت تتكلم اللغة السيرلانكية .. أي بلغة الجني السيرلانكي الذي تلبسها . هذا مختصر الحكاية التي جاءت في الجريدة .. الآن أجد في ذهني عدة أسئلة منها : ماالذي جاء بهذا الجني السيرلانكي إلى هذه البلاد ؟ وهل في بلادنا جن وعفاريت “ سعوديون “ من أصحاب المال والأعمال يستقدمون عمالة أجنبية - من الجن - من جنسيات أخرى ؟ وكيف يتم دخول هذه العمالة الأجنبية من العفاريت ؟ وأين هي إدارة جوازات الجن “ السعوديين “ ؟ وهل هذا الجني السيرلانكي مقيم إقامة نظامية أم أنه عمالة “ سائبة“؟ وكيف يسمح الجن السعوديون الكفلاء لمكفوليهم بالتسلط علينا نحن الآدميين؟ أسئلة كثيرة خرجت بي - قليلا - عما أريد قوله ، وهاأنا أعود لموضوعي . في ذات يوم قائظ كنت في مكتبي المجهز ب “ الكنب “ المريح ، وبأنفاس التكييف المركزي ، وكنت أعكف على أداء أعمالي الكتابية الرسمية عندما طرق باب غرفتي - بشيء من العنف - مجموعة من الشبان ، وعندما فتحت الباب فوجئت بهم يحملون زميلا لهم في حالة هياج شديد - رغم بنيته الهزيلة ، وجسده الذاوي - يقاوم حامليه الأقوياء بقوة تفوق قوتهم جميعا ، وتجعله في بعض الأحيان يفلت منهم . قلت لهم : ضعوه على الكنب الطويل ، وبعد تردد شديد - خوفا علي من هياجه - تركوه عندي ، وأصبحنا وحيدين ، وهو في حالة غياب تام عن الوعي . تذكرت تعامل بعض الرقاة الشرعيين مع مثل هذه الحالة ، فبدأت أقرأ شيئا من القرآن الكريم ، وبعد فترة وجيزة ناديت الشاب باسمه ، فلم يجبني ، كررت النداء فجاءني صوت أنثوي أجش : أنا لست فلانا بل فلانة . كان ذلك بداية الحديث بيني وبينها .. عرفت حكاية حبها للشاب ، وتعلقها به ، وعرفت المكان الذي بدأت قصة حبها له ، وانتهى الأمر - بيني وبينها - بطلبها قنينة من الماء شربتها حتى الثمالة ، وبعدها انتصب الشاب جالسا وفي عينيه شيء من الذهول ، وفي نظراته الزائغة حالة من الإعياء الشديد. بعد يومين تكررت الحالة ، وجيء بالشاب محمولا - بعد أن اطمأن زملاؤه إلى جدوى تعاملي معه ، لكن تجربتي الأولى لم تنفع معه ، حيث قرأت وقرأت وقرأت، ثم سألت ، وسألت ، وسألت ، ولما لم تجب قلت لها في النهاية : اسمعي ، لن أتعب نفسي معك . . هذا المكتب ليس به أحد سواكما ، وهذا الكنب لايشارككما فيه أحد ، وهذا الجو المكيف يساعد على الاسترخاء ، وهذه قنينة الماء بين يديك ، فإذا قضي الأمر بينكما أ رجو أن تذهبي بسلام .