القراءة والاستمتاع.

يستمتع الكثيرون من محبي القراءة والاطلاع سواء أكانوا مثقفين أم أدباء أم متذوقين للأدب والثقافة بالقراءة والاطلاع على فنون الأدب من شعر ونثر، ويجدون أنفسهم عندما يتخذ أحدهم وضعية القراءة مجهزًا ما يلزم لطقوس القراءة ومتخيرًا ديوانًا شعريًا أو رواية أو كتابًا نقديًا أو أدبيًا أو ثقافيًا أو تاريخيًا، ويبدأون يأخذون جرعاتٍ من المتعة والاستمتاع في قراءة محتوياته والنهل من معينه ومعلوماته بمختلف أثرها على القارئ، فهناك معلومات جديدة ومعلومات صادمة ومفاجئة ومعلومات تثير الشجن وأخرى تثير العاطفة والمشاعر، وهكذا.. حتى تنتهي حفلة الاستمتاع وقد ارتوى القارئ وارتشف بل نهل مقدارًا لا بأس به من الفائدة الجمّة المحمولة على أمواجٍ من المتعة والإثارة والاستمتاع نحو عقله وفكره. تنتهي هذه الجلسة القرائية وقد استزاد القارئ من الفائدة الكثير واطّلع على معلومات جديدة وثبَّتَ معلومات سابقة في عقله، أو عاش سيناريوهات مثيرة مع سردية روائية وأحداثٍ وقصص مختلفة فيها المتعة والعبرة، وكل هذه وتلك مما يشبع شغف القارئ والمثقف والمطَّلِع، فتُغيِّرُ هذه الطقوس المحيطة به من حالته النفسية والشعورية والثقافية من حالٍ إلى حال. إن القراءة تُغيِّر الحالة الشعورية للإنسان فتجعلها في أفضل حالاتها، فالقراءة في كثير من الأحيان تخاطب الشعور وتغوص في أعماق المشاعر الإنسانية للمتلقي، فتقوم بتحريك هذه الهالة المشاعرية والعواطف الكامنة يمنة ويسرة، تثيرها تارة بطقوس الحزن والشجن، وتثيرها بالسعادة والسرور تارة أخرى، فتحركها وتستثيرها وتستفزها مرّات ومرّات. وهذه وتلك تأتي على محمل الاستمتاع والمتعة الفائقة وشدّ الانتباه والعقل والفكر والشعور وأحاسيس النفس البشرية من خلال الأحداث مختلفة الوقائع والحوادث المتغيِّرة والمفاجئة وسط سردية هذه الرواية أو تلك القصة أو فصول هذا الكتاب أو أبيات هذا الديوان والظروف التي قيلت فيها هذه القصائد، وهكذا. فيسلِّمُ القارئ لها مشاعره ويعيش التجربة الممتعة الفريدة في رحلة جميلة مليئة بالفائدة والمتعة والاستمتاع. والقراءة سبب رئيس في تغيير الحالة المزاجية للأشخاص، ونقلهم أمزجتهم المختلفة من حالٍ إلى حالٍ أفضل، فكما أن بعض الناس يستطيع أن يُغيِّرَ مزاجه العام كوب من القهوة أو كأس من الشاي أو العصير، أو سماع خبرٍ سارّ، فكذلك القراءة في المواضيع المحببة للنفس تقوم بشكل كبير على تغيير حالته المزاجية الراهنة فينتقل مع سطور الكتاب أو الرواية من حالة إلى حالة شعورية أخرى. ولا شكّ أن القراءة والاطّلاع لها فوائد جمة غير الاستمتاع وتعديل المزاج وإشباع الشغف ونهم الاطلاع، فهي تنمّي العقل وتؤدي بشكل تراكمي إلى اتساع مدارك القارئ وملء رصيده العلمي والثقافي والمعرفي يومًا عن يوم وسنة بعد سنة، فعملية الاطّلاع والتثقيف لها أثر كبير جدًا على صاحبها مع مرور السنين فيضحي يومًا عن يوم وبشكلٍ تراكمي واسع الاطّلاع كثير العلوم عميق الإدراك عظيم الفكر واسع الثقافة يبزُّ الآخرين بزًّا بثقافته وعلمه. * دكتوراه في الأدب والنقد