مؤتمر الاستثمار الثقافي.

إيماناً منها بأهمية الاقتصاد في تحريك عجلة النماء، باتت المملكة قبلة للمؤتمرات والمنتديات الاقتصادية والاستثمارية المتنوعة، ومن ذلك مؤتمر الاستثمار الثقافي الذي ستنظمه وزارة الثقافة تحت رعاية سمو ولي العهد في نهاية هذا الشهر. المؤتمر سيسلط الضوء على الفرص الممكنة للاستثمار في حقل الثقافة، وهو ما سيشكّل محفلاً دولياً تلتقي فيه الثقافة برأس المال بالمفاهيم الاستثمارية الفاعلة للدفع بالحقل الثقافي والطاقات الكامنة فيه تطوراً وتمكيناً. الاستثمار الثقافي، وبرغم كونه مفهوماً جديداً بعض الشيء على الساحة الثقافية السعودية تحديداً، والممتدة عمراً وإرثاً إلى عقود طويلة، إلا أن من شأنه كمفهوم جديد أن ينقل الثقافة نفسها إلى واقع جديد. فعلياً بدأنا مؤخراً نلمس حراكاً ثقافياً في كافة المدن في المملكة، يكفي فقط أن نعود بالذاكرة إلى حقبة الأندية الأدبية كمتنفس ثقافي وحيد آنذاك، وكيف تحولت الأنشطة المنبرية إلى «ورشة إبداع» لا حدود لها تقوم بها مئات المقاهي تحت مبادرة «الشريك الأدبي». هذه حالة ثقافية مفرحة بفضل مفهوم الاستثمار الثقافي الذي نقل المعنى الثقافي من مفهوم الرعاية الحكومية إلى مفاهيم استثمارية جديدة باتت تقوم بوظيفتها التثقيفية بصيغة أكثر فعالية وانتشاراً. هذا فقط على صعيد عنصر واحد من عناصر الثقافة وهو «النشاط المنبري» فكيف ببقية الأصعدة والمجالات المتوالدة من المعنى الثقافي: الطهي، الأزياء، المعمار، التراث بأنواعه، الفنون بأنواعها البصرية والأدائية والموسيقية...إلخ. هناك الكثير من الفرص الواعدة، والمورد البشري الضخم الذي يمكنه خلق بيئة استثمارية ناجحة في مجال الثقافة ونقطة جذب عالمية تضيف لرصيد المملكة من القوة الناعمة، وتساهم في تحقيق مستهدفات رؤية 2030 التي تشكّلت ملامحها، منذ إطلاقها، بالعديد من الأشياء ومن بينها، وربما من أهمها: الثقافة، باعتبارها عاملاً رئيساً في رفع مستوى جودة الحياة.