مبادرة مستقبل الاستثمار.. تشكيل ملامح المستقبل.
 
          لسنتها التاسعة على التوالي انطلقت يوم الاثنين الماضي مبادرة مستقبل الاستثمار في العاصمة الرياض بمشاركة رؤساء حكومات وشركات كبرى وأكثر من 650 متحدثاً في حدث وصفه إدوارد ميرميلشتاين مبعوث عمدة نيويورك للشؤون الدولية السابق بقوله: «إن مبادرة مستقبل الاستثمار أكبر بكثير من مجرد مؤتمر تقليدي. إنها ملتقى رأس المال العالمي والابتكار والسياسات». المبادرة التي تحظى برعاية خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله، ويشارك فيها بشكل مباشر سمو ولي العهد تأتي ضمن التحول الضخم الذي يشهده الاقتصاد السعودي الذي بات نقطة جذب في مختلف المجالات ذات الفضاء الاستثماري، إلا أن الدور الذي تلعبه المملكة على خارطة هذا الحدث العالمي هو أنها باتت نقطة التقاء بين الاقتصادات الكبرى والأخرى الناشئة؛ وعلى ضوء هذا الدور فهناك الكثير مما سيتم خلقه في اقتصادات المنطقة وفي الاقتصاد العالمي إجمالاً كنتائج مباشرة لهذه الديناميكية المتولّدة من هذه المبادرة مستقبلاً. وإيماناً منها بدور الاقتصاد في تطوير المجتمعات وتعزيز العلاقات الثنائية بين الدول تولي المملكة أهمية كبرى للملف الاقتصادي في تعاطيها مع كثير من البلدان، وبالذات في الحقائب الاستثمارية، وهذا ما حصل مع الحالة السورية التي تشارك في هذه المبادرة رسمياً لهذا العام بأعلى تمثيل لها لأول مرة من خلال الرئيس أحمد الشرع الذي كان من ضمن الشخصيات المهمة الحاضرة، وما أثمرت عنه أوجه الشراكة بين البلدين من إعلان إنشاء قطار الرياض – دمشق، وهو الخبر الذي كان من أبرز أخبار هذا الأسبوع. كما إن العلاقة العسكرية التي تعززت باتفاقيات التحالف المشترك بين المملكة العربية السعودية وباكستان هي الأخرى من بين الملفات التي تنتظر كل من سمو ولي العهد ورئيس وزراء باكستان في اجتماعهما الثنائي الذي عقد على هامش فعاليات المؤتمر. والكثير مما حملته هذه النسخة من المبادرة التي شهدت زخماً واسعاً في صياغة العلاقات البينية ورسم التحالفات الاقتصادية لكثير من الدول والمنظمات والكيانات المشاركة. في النسخة السابقة من المبادرة كان حجم الاستثمارات التي جاءت كثمرة لمؤتمر 2024 حوالي 60 مليار دولار، وهو ما يرجح تجاوز هذا الرقم في هذا العام نظراً لحجم الأطراف المشاركة ونوعيتها، وهو ما يجعله فعلاً يتجاوز التوصيف التقليدي لكونه مؤتمراً اقتصادياً فحسب، إنما يتجاوز هذا المعنى إلى كونه مؤتمراً لصياغة المستقبل للعقود القادمة، وإنْ من بوابة الاقتصاد.
