في أمسية نظمها صالون نبل ..

السماري «يُنيخ» فيلق الإبل في بيت الثقافة.

في مساءٍ يعبق برائحة الصحراء ودفء الحكاية، التأم جمع من المثقفين والكتّاب في بيت الثقافة بمكتبة التعاون العامة، في أمسية نظمها صالون نُبْل الثقافي، كانت واحدة من أجمل ليالي الأدب بالرياض التي التقت فيها الذاكرة بالتاريخ، والسرد بالحضور. قدّم اللقاء الروائي أحمد السماري متحدثًا عن روايته «فيلق الإبل»، في رحلة حملت الحاضرين إلى تخوم الوعي والإنسان والذاكرة. الرواية تمتد برحلتها من خبوب القصيم إلى براري أريزونا، وتستعيد سيرة الثمانية عشر جمالًا سعوديًا الذين عبروا المحيط وصولًا إلى الشاطئ الغربي للأطلسي حيث ميناء نيويورك، ليشاركوا الجيش الأمريكي في الحرب الأهلية الأمريكية في القرن التاسع عشر، في واقعة تاريخية فريدة تُعيد رسم علاقة الإنسان بالرحلة والتاريخ والمصير. تحدث السماري عن مصدر فكرة الرواية، والدلالات السردية، عن الشخصيات وتّشكل الدوائر، وقدرة الحاج علي على خلق توازنه بين هذه الدوائر، وكيف يتكرّس الحاج علي رمزًا لـ العقل العربي المتزن الذي لا يفقد بوصلته، مهما تعددت المغريات أو التحديات. إنه الإنسان الذي يمشي في التاريخ كما تمشي الإبل في الصحراء: ببطء وثقة في الوصول، وبين تلك المفارقات بين الشرق والغرب، وعن الإنسان الكوني الذي يعبر الحدود بثقافته وسعيه إلى التفاهم لا الصدام، عن الشراكة لا التبعية. وأوضح أن الرواية سعت إلى جعل الحكاية جسرًا بين زمنين وحضارتين، بحثًا عن معنى العبور وجرأة الاكتشاف وصدق الانتماء، ضمن نص أدبي بديع يستند إلى البحث والتخييل في آنٍ واحد. أدارت الحوار الدكتورة أريج السويلم، التي قدّمت قراءة نقدية عميقة للرواية، وأدارت النقاش برشاقة وتمكّن جعلا من اللقاء درسًا في الوعي السردي وجمال اللغة. وشهدت الأمسية حضورًا لافتًا من الكتّاب والأكاديميين والمبدعين الذين أغنوا الحوار بمداخلاتهم وأسئلتهم الثرية، مؤكدين أن الأدب يزهر وينير حين يُقرأ ويُناقش ويُعاش. وفي ختام اللقاء، عبّر السماري عن شكره وامتنانه لكل من حضر وشارك وأسهم في إثراء الأمسية، مؤكدًا أن «فيلق الإبل» تسعى إلى تحويل الحكاية إلى تجربة تُعاش بكل ما فيها من سفرٍ ودهشةٍ واكتشاف. كما قدّم الحضور شكرهم لصالون نُبْل الثقافي على احتضانه الفعالية، ولمكتبة التعاون العامة على حسن التنظيم وكرم الفضاء، في ليلةٍ أعادت للأدب وهجه، وللكلمة قيمتها.