منحوتة «علاقة» ..

تترجم جمال العلاقة بين الرجل والمرأة .

«الحوار هو قلب العلاقة بين الرجل والمرأة، والفراغ بين شكلين يمكن أن يكون امتلاءً بالمعنى لا نقصًا فيه»، هذا المعنى الدفين هو ما يريد فنان النحت خالد العنقري تأكيده من خلال منحوتته المسماة بـ «علاقة»، فالجمال الحقيقي بين الجنسين بحسب رؤيته الفنية يكمن في التوازن بين القرب والمسافة، وبين الذوبان في الآخر والحفاظ على الذات بالوقت نفسه. ترتكز المنحوتة على قاعدة من ذات الحجر، وكأن الفنان أراد أن يوحّد الجذر المادي والرمزي للعلاقة، حيث الشكلان المنحوتان على كتلة واحدة، إشارة إلى مصيرهما المشترك واتحادهما في نسيج الحياة. ومع ذلك يفصل بين الكتلتين فراغ محسوب بعناية أشبه بـ”نافذة” تتيح للحوار أن يتدفق وللتقبل أن يكون جسراً متيناً بين الذاتين. ويقول الفنان إن هذا الفراغ لا يُقرأ بوصفه انفصالاً، بل هو مساحة للضوء والفكر، رمز للتوازن الذي لا تكتمل العلاقة الإنسانية بدونه. فهو يمثل لحظة الصمت التي تسبق الفهم، والمسافة التي تُنضج المشاعر بدلاً من أن تباعدها. ومن خلال هذا العمل النحتي الآسر من الرخام الطبيعي المحلي، يقدّم العنقري تجربة بصرية وفكرية تبحر في عمق العلاقة الإنسانية بين الرجل والمرأة، مجسّدًا تلك الثنائية الأزلية في تكوين عضوي واحد يتنفس بالتماهي والاختلاف في آنٍ معًا. ويضفي ملمس الرخام وصقله المتفاوت بين النعومة والانكسار على العمل بعداً حسياً عميقاً، حيث تلتقي الأضداد: الصلابة والليونة، الانسجام والتنافر، في إيقاع بصري يذكّر بحركة الجسدين في رقصة أبدية من الانجذاب والاحترام. ويعد العمل في مجمله أقرب إلى قصيدة صامتة في الحجر؛ لغة تُترجم العاطفة الإنسانية في أنقى صورها، دون تفاصيل شكلية مباشرة. فالفنان يترك للمشاهد مساحة التأمل والتأويل، ليعيد بناء العلاقة في مخيلته من خلال خطوط الانحناء، وامتداد الظلال، ولمسة الضوء التي تتسلل بينهما.