
الجوف اليوم أيقونة الشمال والاكتمال، وعاصمة الضياء والنماء ، فهي أرض ميلاد الإنسان الأول ، ذلك الإنسان الذي شيد “الشويحطية” الموئل الأول لحضارة الإنسان فكراً و عملاً وأملا ، فمضى إنسانها المستنير بصناعة الحياة، فابتكرَ من اللاشيء كل أشيائه ، فصنع من الحجارة أدوات معيشته و سُبل حياته و أمان مستقبله. كانت هنا بداية الحياة والحضارة ، فامتدت مسيرة التوهج و التفرد و الاستنارة. كل ملامح الجوف الطبيعية و البشرية ، تتحدث عن أرضٍ حضارية و إرثٍ ثمين و إنسانٍ مكين. فهي أرض التراب الخصب و العيون العذبة والنخيل الجليل ، أرض الزيتون المُنير والطلع النضيد و الاخضرار المديد. أرض البهاء الغزير و سلة الغذاء و أيقونة الزراعة والعطاء والنماء. وهي أرض الضياء والطاقة الهادرة، والأرواح المتدفقة السادرة ، أبناؤها مدنفون بالجسارة و الحُب والبناء ، وشمسُها فيّاضة بالشعاع والدفء و البقاء . هي اتجاه البوصلة في الإعمار والاستثمار، والريادة والاقتدار، فاستحقت أن تكون “عاصمة الطاقة المتجددة” وأن تُشيد فيها أضخم محطات توليد الطاقة النظيفة في الشرق الأوسط كمحطة “سكاكا للطاقة الشمسية” ومحطة “دومة الجندل لطاقة الرياح” ومحطات في القريات وطبرجل قيد الإنشاء، و أن تحتضن “المعهد السعودي التقني للطاقة المتجددة” لبناء الكوادر الماهرة في قيادة مستقبل الطاقة والتنمية المتفرّدة. و هي الامتداد الثقافي البعيد، والتاريخ العريق المجيد، أبناؤها شعراء بالفطرة ، ففي كل بستانٍ فيها ينبتُ شاعر وفي كل بيداءٍ تتوهج القصائد والفرائد. نمت الحكايات والأبيات في تاريخ الأجداد فأزهرت على شفاه الجدات، وتعاظمت فكراً و أثراً ، و شمساً و مطرا . فهُنا التراث البديع الذي أذهل العقول و ملأ الأرواح، وكُتب في أسفار الإبداع و الخلود . هُنا “نقش الجمل” حين نحت الإنسان هنا قبل آلاف السنين شكل دابتهِ على وجه الصخور ، و بنى القلاع الحصينة الشاهقة كقلعة “زعبل” و “مارد” و قصر “كاف” بفكرٍ رفيع و بناءٍ بديع ليقول: أنا الإنسان الفنان وصاحب الفكر والإبهار والتبيان. وهُنا “السدو” الذي مضى مضيئاً من أنامل نساء الجوف، حين صنعنَ من وبر و صوف الدواب قطعاً مُبهرة لتكون دفئاً وفيئاً ، وحضناً وبيتا، وقد أصبح “السدو” اليوم فناً عريقاً و نسجاً أنيقا و تراثاً يحكي تفاصيل الجمال والجلال. نحنُ نتحدث عن أرضٍ ذات ترابٍ خصب و ماءٍ عذب وطاقة نظيفة ، أرضٍ بدأت في الاستثمار الزراعي وشقّت طريقها فيه بشجاعة و نجاح. أرضٍ احتضنت محطات الطاقة المتجددة بفخرٍ و عزم فرسمت ملامح الضياء والنماء . أرض الأدباء والشعراء ، الذين أسرجوا قلوبهم قصائد من جمالٍ واكتمال للشغف والبهاء والبقاء. أرض التاريخ والتراث ، و الفكر والحضارة ، والتوقّد والتجدد والمهارة، والإنسان وتفرّد المكان . وهي اليوم تعيشُ فترة تنموية استثنائية في ظل الرؤية المضيئة وأميرها المثقف فيصل بن نواف بن عبدالعزيز. وستزهو التنمية و تمتد بلا حد ، فكراً وثقافةً و تاريخاً ومجتمعاً واقتصاداً واستثماراً متجدد. الجوف أرض المقوّمات الفريدة بنبضها و أرضها، إنسانها ومكانها، بقيادتها و أميرها، لذا هي اليوم اتجاه بوصلة التنمية الوطنية وعاصمة الطاقة والغذاء والتراث والأصالة الثقافية. * شاعرة وكاتبة منطقة الجوف