فيلسوف الفطرة!

 يدعو  الدكتور عبد الله البريدي إلى ما يسمّيه الأنفة الفلسفية، وذلك بالعودة إلى ما أنتجه أسلافنا من العلماء وإعادة قراءتهم وكبسلتهم في نماذج علمية تكشف أبعاد نتاجهم العلمي في بناء منهجي ونسق فكري رصين.  وفي هذا السياق قدم قراءة لابن تيمية في نموذج الفطرة، استخلصه في أربعة مكونات هي العمومية والتلقائية والشساعة والمواءمة، فخلص إلى أن ابن تيمية فيلسوف الفطرة بامتياز، وأن كل مقولاته ترجع إليها لأنها عنده هي الأساس الذي تبنى عليه المعرفة وهي المنطلق والمرجع الذي يناقش في ضوئه الأفكار ويحاورها. وقد أفضت كبسلة ابن تيمية إلى أن كشف الباحث من خلال النموذج التيمي للفطرة أن هذا الفيلسوف الكبير يسعى جاهدا لأن يعيد فطرنة التديّن والفلسفة والتفكير والمنهج والعلم والأخلاق والعمل والسلوك بعد أن أصابتها لوثات التعقيد والإغماض والتطويل بلا طائل. واستخرج من النموذج التيمي عشرة قوانين ضابطة أبرزها قانون الاطراد، وهو القانون الأول الذي يتأسس على التوحيد واطراد العالم وانضباط المعرفة، إلى أن انتهت إلى القانون العاشر وهو قانون يتأسس على نمو المعرفة عبر اجتهاد ملائم دائم يتطور بنمو المعارف والمناهج والأدوات. كتاب “ابن تيمية فيلسوف الفطرة، نحو كبسلة الفيلسوف” للدكتور عبد الله البريدي كتاب جدير بالقراءة والاستلهام في بناء الأفكار البحثية وصياغة النموذج، فهو كتاب ملهم يمكن أن يستنير به الباحثون في أفكار مماثلة وأبحاث صانعة للنماذج الفلسفية والعلمية في سياق قراءة التراث العلمي قراءة منهجية منتجة للمعرفة الجديدة غير منبتّة الجذور.