
في موسم الصيف من كل عام، تحتضن منطقة القصيم كرنفالها الشهير للتمور الذي يُعدّ من أبرز الفعاليات الزراعية والاقتصادية والسياحية، ويستمر قرابة شهرين بمدينة التمور ببريدة. ويُقام الكرنفال بتنظيم من المركز الوطني للنخيل والتمور ووزارة البيئة والمياه والزراعة، وبإشراف إمارة منطقة القصيم، ويحظى باهتمام ورعاية أمير منطقة القصيم صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز، حيث يرأس سموه اللجنة العليا لكرنفال «تمور بريدة». وقد أكد سمو أمير المنطقة أن كرنفال «تمور بريدة» يُعد ركيزة اقتصادية وتنموية مهمة على مستوى المنطقة والمملكة، لما يُمثّله من منصة تسويقية وزراعية متقدمة، تُسهم في دعم المنتج الوطني، وتعزز من مكانة المملكة في تصدير التمور عالميًا، تحقيقًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030. ونوّه سموه بما يحظى به قطاع التمور من دعم القيادة الرشيدة -أيدها الله-، مشيرًا إلى أن الكرنفال يعكس الحراك الاقتصادي والتجاري والزراعي الكبير الذي تشهده المنطقة، ويسهم في رفع مستوى التنافسية للمنتج المحلي، ويمكن المزارعين ورواد الأعمال في تسويقه، ويعزز من فرص الاستثمار. أكبر كرنفال للتمور بالعالم يُعزز كرنفال تمور بريدة مكانة المنطقة في القطاع الزراعي وتسويق التمور، في ظل مرافق المدينة المهيّأة من مواقع زراعية وتراثية وسياحية وترفيهية، لتقديم تجربة متكاملة للزوّار من داخل المملكة وخارجها، وذلك دعمًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030، بتنمية القطاع الزراعي وتعزيز الأمن الغذائي وزيادة المحتوى المحلي. وفي العام الماضي، تسلّم صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم، شهادة موسوعة غينيس للأرقام القياسية، التي تُوّج بها كرنفال بريدة بصفته أكبر كرنفال للتمور بالعالم. يستمر كرنفال تمور بريدة الذي انطلق مطلع شهر أغسطس الجاري، حتى 9 أكتوبر المقبل، ويعرض خلاله المزارعون والتجار أكثر من 100 صنفٍ من تمور القصيم في مقدمتها «السكري والبرحي والصقعي». ويتضمن الكرنفال أنشطة وفعاليات متنوعة، كالصناعات التحويلية، والأسر المنتجة، وعرض للحرف اليدوية المرتبطة بالنخيل، وإقامة أمسيات تراثية وشعرية، ومشاركة فرق شعبية، إلى جانب منطقة للأطفال والرسم، إضافةً للعديد من الفعاليات التي تواكب فئات المجتمع. بلغ حجم المبيعات في كرنفال بريدة للتمور في نسخته الماضية نحو 3 مليارات و200 مليون ريال، بمعدل 2000 مركبة يوميًا لنقل التمور، فيما تجاوز عدد زوار الكرنفال العام الماضي 800 ألف زائر. تمور القصيم تمثل 35% من إنتاج المملكة يتجاوز عدد النخيل في المملكة 34 مليون نخلة موزعة على جميع المناطق، وتستحوذ منطقة القصيم على 11.2 مليون نخلة، علمًا أن كمية إنتاج التمور في القصيم بجميع محافظاتها تبلغ أكثر من 528 ألف طن، مما تمثل قرابة 35% من إنتاج المملكة من التمور البالغ مليون و600 ألف طن م. وقد قفزت مبيعات كرنفال تمور بريدة في العام الماضي حيث أوضح المدير التنفيذي لكرنفال تمور بريدة الدكتور خالد النقيدان، أن تزايد معدل الإنتاج بسبب تضاعف أعداد النخيل أسهم بشكل مباشر بارتفاع المبيعات، بالإضافة إلى الجهود المبذولة من القطاعات المعنية بقيادة إمارة منطقة القصيم وتنظيم وزارة البيئة والمياه والزراعة، من خلال برامج دعم المزارعين ورعاية النخيل وتطوّر أساليب البيع والعناية بجودة التمور ومعرفة المواصفات والمقاييس العالمية للتصدير جميعها أسهمت بجودة المنتج وارتفاع حجم المبيعات. وتتسابق مزارع القصيم للحصول على علامة التمور السعودية التي يمنحها المركز الوطني للنخيل والتمور للجهات المستوفية للمتطلبات الفنية والقياسية لسلامة الغذاء لتتوافق مع متطلبات الأسواق العالمية، وهذا المحصول الضخم يتطلب دخول كيانات استثمارية جديدة وتمكين الشركات الرائدة لتسهم في تحقيق رؤية السعودية 2030 بتعزيز الصادرات غير النفطية وجعل المملكة المصدر الأول للتمور عالميًّا. ارتفاع في أعداد المركبات وكميات التمور تشهد ساحات كرنفال بريدة للتمور ارتفاعًا في أعداد المركبات وكميات التمور الواردة للسوق وأنواعها، وفي أعداد المتسوقين والمسوقين والعارضين وتجار التمور والعاملين السعوديين، وفي الخدمات المتنوعة المقدمة للزوار المقامة فعالياتها بمدينة التمور ببريدة . ويتوقع أن يستمر توافد كميات التمور خلال الأيام القادمة من هذا الشهر وسط تنظيم مثالي من المركز الوطني للنخيل والتمور، ووزارة البيئة والمياه والزراعة منظمي الكرنفال، بإشراف مباشر من إمارة منطقة القصيم. تمتاز التمور المعروضة في الكرنفال بكونها ذات جودة عالية وتنوع كبير، وتحقق رغبات المتسوقين، وتحظى تمور السكري بأولوية ورغبات المتسوقين، فيما تتعدد وتتنوع الرغبات الأخرى من أنواع التمور التي تنتجها نخيل القصيم. وكان المركز الوطني للنخيل والتمور، المنظم لكرنفال بريدة للتمور، قد أعلن عن استمرار العمل بالمنصة الرقمية للأسواق الموسمية للعام الثاني على التوالي، وذلك في مقر الكرنفال بمدينة التمور ببريدة. وأوضح المركز أن المنصة الرقمية؛ تهدف إلى تنظيم عمليات البيع والشراء في أسواق التمور الموسمية، من خلال توثيق التعاملات إلكترونيًا، وتعزيز الشفافية، وحفظ حقوق جميع الأطراف، ورفع كفاءة الأسواق، وتيسير تجربة المستخدمين من مزارعين ومسوقين ومشترين. وأشار المركز إلى أن المنصة تستند لستة أهداف رئيسة تشمل: تنظيم العلاقات التعاقدية، وتوثيق التعاملات إلكترونيًا، ورفع كفاءة الأداء، وتحسين العمليات البيعية، وتعزيز الحوكمة وبناء الثقة، وإنشاء قاعدة بيانات شاملة لدعم القرار، وتسهيل عمليات التداول وتحسين تجربة السوق. وتستهدف المنصة ثلاث فئات رئيسة: المزارعون، والمسوقون، والمشترون، مع إمكانية التسجيل الإلكتروني المباشر دون رسوم عبر البوابة الرسمية للمنصة. وبيّن المركز الوطني للنخيل والتمور، أن المنصة حققت في عامها الأول نتائج إيجابية تمثّلت في توثيق آلاف التعاملات في عدد من الأسواق الموسمية، مما أسهم في بناء بيئة أكثر احترافية، ودعم الجهود الرامية إلى تطوير قطاع التمور بما يتوافق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030. إبراز دور الصناعات التحويلية تعد صناعة التمور التحويلية في المملكة موردًا اقتصاديًا متعدد المنتجات، حيث أبرز كرنفال تمور بريدة هذا الجانب من خلال عروض المنتجات المقدمة من القطاع الصناعي منها: دبس وعجينة التمر، والسكر السائل النباتي، ومربى التمر والشوكولاتة والمعمول وغيرها. وترتكز الصناعات التحويلية للنخيل على الإنتاج الوفير للتمور في المنطقة، كما تسعى إدارة الكرنفال إلى تشجيع المزارعين للاتجاه نحو الصناعات التحويلية مع المحافظة على مستوى جودة المحصول الخالي من الإصابات الحشرية. وفي كرنفال العام الماضي، لم يكن الإقبال كبيرًا على شراء التمور فحسب، بل شهدت الفعاليات المصاحبة حضورًا وتفاعلًا كبيرًا من الزوار. تميز كرنفال تمور بريدة في العام الماضي بتواجد 18 فعالية، ومنها: قرية التمور، وسوق التمور القديم، والقطين، وخراف التمور، وزيبلاين النخيل، إضافة إلى فعاليات هيئة فنون الطهي، وتيلي ماتش النخيل، وازرع نخلتك، إلى جانب معارض الصناعات التحويلية والأسر المنتجة والحرفيين، والأمسيات الشعرية والفرق الشعبية، وغيرها من الفعاليات الهادفة والحيوية. واستقطبت فعالية «القطين» زوّار كرنفال تمور بريدة العام الماضي، حيث استعرضت لمحات تاريخية ومرحلية من حياة البادية في منطقة القصيم، والتي تجسّد تراث الحياة في البادية، قبل التحول لحياة الحضارة والمدنية. ونقلت فعالية «القطين» بعضًا من عادات وتقاليد تلك المرحلة وما تميّز فيها من خصال حميدة، كالكرم، والتكاتف، وطرق التنقل من مكان إلى آخر، كما تناولت أسلوب حياة الناس في نقل النخيل على الإبل، للحصول على التمور وتخزينها. و»القطين» هم مجموعة من الأسر التي تعيش في البادية، حيث تربطهم روابط متعددة، ومنها صلة القرابة، والمصير المشترك. دعم الشباب والأسر المنتجة يقدم كرنفال تمور بريدة أيضًا الدعم للشباب وللأسر المنتجة المشاركة فيه، حيث أوجد فرص عمل للشباب في بيع التجزئة، وكذلك لعدد كبير من الدلّالين. يبدأ عمل الدلّالين مبكرًا حيث يبدأ بعد صلاة الفجر حتى الساعة السابعة والنصف صباحًا، أما بيع التجزئة فينطلق في ساعات الصباح الباكر حيث يبدأ في تمام الساعة السابعة والنصف صباحًا بعد بيع التمور بساحات المزادات وتصريف كميات الجملة، لينطلق بعدها أكثر من 200 شاب متخصص في بيع التمور بالتجزئة في مقر بيع التجزئة وسط الكرنفال حتى أذان المغرب. وتُعد ظاهرة الدّلَّالين إحدى أبرز المظاهر التسويقية في كرنفال تمور بريدة، حيث يعتلون السيارات المحمّلة بالتمور والتي ترد إلى السوق فجر كل يوم، فيقومون بتعريف الزوار بالبضاعة وحجمها ونوعها ومدى جودتها وهل هي من نوادر التمور أو من الدرجة الأولى أو الثانية وغير ذلك، ومن ثم يعلن بصوت صادح فتح السوم عبر أحد المتسوقين واستقبال المزايدات بشكل حي ومباشر، حتى يقف السعر والمزاد عند أحد المشترين فيختم الدلَّال المزاد بقوله للمشتري: تربح، في عملية بيع وشراء شفافة وواضحة منصفة للبائع والمشتري وخلال فترة وجيزة لا تتجاوز خمس دقائق. ويسعى الكرنفال لاحتواء الشباب وتشجيعهم على العمل الحر من داخل السوق ومن خلال التسويق الإلكتروني، ومع منشآت الأعمال المؤسسية. وفي كرنفال الموسم الماضي، قدم بنك التنمية الاجتماعية دعمه لأكثر من 20 أسرة منتجة لمشاركتها في الفعاليات المصاحبة للكرنفال. وتمثل دعم البنك عبر تجهيز مواقع الأسر وتزويدها بالرخص اللازمة، وتقديم الدورات التدريبية للراغبين في مجالات البيع والتسويق والتجهيز وغيرها من المجالات. وأكد بنك التنمية الاجتماعية سعيه من خلال تلك المشاركة، لإيجاد مجتمع حيوي يقوم بدور فاعل ومؤثر في النهضة الاقتصادية للوطن، وإظهار دور الأسر، والإسهام في تطوير المنتجات المحلية المكونة من طبيعة النخلة وطبيعة المنطقة التي ارتبط تاريخها بعدد من المنتجات مثل السعف، والخشب، والصوف.