نحتاج منصة تخدم الناس وتعظم الاستفادة من المحامين وتنمي المهنة.

في المقال السابق، هنا في اليمامه، بتاريخ 29/8/2024م (المحاماة: بين مطرقة التدريب بعد التخرج والفرص المتاحة؟) تطرقت لخريجي القانون بالمملكة العربية السعودية ومعاناة بحثهم عن الفرص الوظيفية. وفي هذا المقال اتطرق الى كفاءة استثمار قدراتهم من خلال منصة تعكس تقييماتهم لتعزيز التوطين النوعي لمهنة المحاماة. ان تجربتي في البحث عن محامِ للترافع عن قضيتي ضد أحد وكلاء السيارات نتيجة عيب مصنعي بالمركبة كان سببا في حادث مروري نتج عنه كسر في العامود الفقري مضاعف وتركيب 11 مسمار فيه. هذه التجربة التي آلمتني كثيراً اتضح لي ان الكثير من الزملاء الذين احتاجوا محامين عانو كثيراً من بعض المحامين حيث اتضح عدم الاحترافية في التعامل، او التلاعب، او عدم الاكتراث الا بالحصول على الاتعاب، بينما لا تجد الخدمات التي تتوقعها. في هذه التجربة المريرة اتضحت الحاجة لوجود منصة تساعد في الوصول الى معرفة مستوى المحامين وخبراتهم. هذه المنصه تحتاج رعاية أحد الجهات ذات العلاقة بترخيص المحامين او وزارة العدل اسوة بما تقدمه الجهات الربحية مثل امازون مع مزودي الخدمات للعملاء، او تقييم المنشآت في منصة لوزارة التجارة والتي تجدها امام كل باب منشأة تجارية. التوطين النوعي يهدف إلى تحقيق فعالية تنافسية في القطاع لجذب العملاء وزيادة الدخل الذي سيجعل من القطاع جاذباً للداخلين فيه حديثاً، ويوسع قاعدة الموارد البشرية. لذا، من التجربة المريرة التي مررت مع المحامي تبرز لي اهمية وجود بوابة تعرض كل المحامين المرخصين وملخص عنهم يشمل سنوات الخبرة بعد الترخيص وعدد القضايا التي تولاها، وعدد التي كسبها، وعدم الاختصاص ورضى العميل.. الخ، كمعلومات اساسية عن المحامين حسب القطاع، مع عرض متوسط اجور المحاماة لكل محام في كل قطاع في البوابة، ومما يستلزم هذه البوابة ربطها باجور كل قضية حيث لوحظ عدم اصدار فواتير ضريبية. ان هذه المعلومات جلية للغاية حيث ان خريج القانون لا يعرف اين يذهب للتدريب، او الباحث عن محام لا يعلم اين يذهب لعدم وجود منصة تعرض كل المحامين وتصور عنهم بمصداقية بيانات، كما ممكن للمنصة ان تكون مكان التعاقد بين المحامي وطالب خدماتهم امام المحاكم، شبيهة بمنصة إيجار للتعاقد بين المؤجر والمستأجر للمساكن وبرسوم بسيطة ولكنها تثبت الحقوق وتضع اصبع الدولة على ما يجري من رسوم مالية قد لا تكون موثقة او بدون ضريبة القيمة المضافة. وفي خضم الحقيقة الصادمة في البحث عن محام وزيادة الاستثمار في القطاع وزيادة رغبة المتدربين حديثي التخرج من ايجاد فرص تدريب والعديد من المزايا التي تجعل التوطين النوعي لهذا القطاع اكثر جاذبية وتنافسية فان المنصة ستعرض الكثير من البيانات التي تجعل المواطن المحامي اكثر تنافسية وتزيد من حرص الاخرين على الحصول على أفضل التقييمات من مستفيدي الخدمة من المواطنين وتوثق بيانات العقود للمحاماة وتلك المعلومات تعتبر جوهرية لوزارتي العدل والموارد البشرية، والهيئة  العامة للزكاة والدخل. هنا يأتي دور وزارتي العدل والموارد البشرية حسب برنامجها الثاني في خطتها الاستراتيجية (برنامج تنمية اقتصاديات المهنة بهدف تنمية اقتصاديات المهنة وتنظيمها، وتوفير فرص عمل جديدة للمحامين). تدشين هذه المنصة على ارض الواقع لن يخدم القطاعات الحكومية والمستفيدين فقط، ولكن سيفيد في اخراج المحامين ضعيفي المصداقية سواء نتيجة الخسائر الكثير للقضايا التي لا يعلم احد عنها الى الآن، والتي ممكن ان تكون معلومات عامة في تلك المنصة ذات المصداقية. اضافة الى قياس رضى العملاء عن هذا المحامي، وهذا سوف يشجع الكثير من استثمار الكفاءات الوطنية المتميزة في المهنة، ويحسّن من الاخرين، ويخرج من هُم عالة على القطاع، ويُجنب العملاء المعاناة على يد محامين قليلي الكفاءة والاحترافية في تأدية عملهم الذين حلفو اليمين للوفاء به. *مختص في شؤون التدريب والتنمية المستدامة للمواطن.