نبغ في الشعر مبكرا قبل ان يصاب بمرض نفسي أوقف ابداعه ..
حمد الحجي .. شاعر الألم والمعاناة.

قد لا يعرف الكثير من أبناء الجيل الحالي شاعرًا فذًا كادت قصائده الجزلة أن تذهب طي النسيان لولا أن قيض الله لها رجالاً من محبي الشعر والأدب، قاموا بجمع شتاتها في ديوان وحيد صدر في العام الذي انتقل فيه شاعرنا إلى رحمة الله، وذاك هو الشاعر الراحل حمد الحجي، الذي عرف بـ “شاعر الألم والمعاناة” حيث تفتقت موهبته الشعرية في سن مبكرة، ولفتت أشعاره أنظار الأدباء والنقاد، قبل أن تنطفئ جذوة الشعر في نفسه بسبب معاناته من الأمراض النفسية التي تكالبت عليه في سن مبكرة، فأودع المصحات النفسية وسافر للعلاج في العديد من الدول، لكن حالته لم تتحسن إلا تحسنًا طفيفًا، وبسبب معاناته المرضية توقف عن كتابة الشعر، إلى أن انتقل إلى رحمة الله. حمد بن سعد الحجي ولد عام 1357هـ في محافظة مرات شمال الرياض، وكان والده شاعرًا شعبيًا فورث الموهبة الشعرية منه، أما والدته فتوفيت وهو صغير فنشأ يتيمًا، وتكفلت أخته برعايته وتعويضه عن حنان الأم. بدأ تعليمه في الكتاتيب كحال أبناء ذلك الزمن، ثم التحق بالمدرسة ونال الشهادة الابتدائية عام 1371هـ، قبل أن ينتقل إلى الرياض ليكمل تعليمه فالتحق بالمعهد العلمي في العاصمة عام 1372هـ، وبدأت موهبته الشعرية في الظهور حيث كتب قصيدة في حفل افتتاح مطابع الرياض وهو في السابعة عشرة من عمره، لاقت استحسانًا كبيرًا في أوساط الأدب والشعر عام 1376هـ. التحق الحجي بكلية الشريعة عام 1377هـ بعد تخرجه من المعهد العلمي، وبسبب حبه للشعر والأدب انتقل في السنة الثالثة إلى كلية اللغة العربية، لكنه لم يكمل دراسته الجامعية. (اليمامة) احتضنت قصائده بعد أن لفت الأنظار في الأوساط الثقافية بموهبته الشعرية، راسل الحجي الصحافة المحلية لنشر قصائده، وكان النصيب الأوفر لـ (اليمامة) التي نشرت له تسع قصائد وثلاث مقالات، بين عامي 1376 و1379هـ، كما نشرت له بعد ذلك قصيدة في مجلة الرائد، وأخرى في جريدة القصيم، وذلك بحسب الدكتور عبدالله الحيدري الذي أحصى كل ما نشر له. وكانت البداية مع (اليمامة) بمقالة حملت عنوان (الأدب يوحي بعضه ببعض) وذلك عام 1376هـ، ثم نشرت له قصيدة بعنوان (يا موطني) في العام ذاته، بعدها نشرت له ثلاث قصائد في العام 1377هـ وهي على الترتيب (ليلة مع الآمال) ثم (في زمرة السعداء) وهي إحدى أشهر قصائد الحجي، وأخيرًا (صدى يوم الجزائر)، بعدها نشرت له قصيدة (ليل الاستعمار) عام 1378هـ، ثم مقالة كتبها على حلقتين بعنوان (قرأت كتاب: شوك وورد لحسن القرشي “الحلقة الأولى ثم الحلقة الثانية”)، تبع ذلك قصيدة (من أعماق نفسي) وبعدها قصيدة أسماها (في رثاء الدكتور عبدالوهاب عزام)، ثم قصيدة أخرى حملت عنوان (مفاتن الربيع)، أما آخر قصيدة نشرت له في (اليمامة) فكانت بعنوان (يا بدر) عام 1379هـ. بداية المعاناة مع المرض لم يتمكن الحجي من إكمال دراسته الجامعية، فقبل تخرجه بعام بدأ يعاني من المرض النفسي والوسوسة حيث أصيب في قواه العقلية، وأفاد كثير من الأطباء الذين تم عرض حالته عليهم بأن لديه انفصامًا حادًا في الشخصية. ويقول الدكتور عبدالله الحيدري في مقال نشر بجريدة (الجزيرة) عن حياة الحجي: “يُمكن تلخيص حياة الشاعر السعودي حمد بن سعد الحجي بأنها «قصيرة وحزينة»، ويمكن أيضًا أن نحدّد مرحلتين في حياته، الأولى مدتها ثلاث وعشرون سنة تبدأ من الولادة عام 1357هـ في بلدة (مرات) من إقليم الوشم غرب مدينة الرياض وتنتهي في عام 1380هـ، وهو العام الذي بدأت فيه معاناته مع المرض. وفي هذه المرحلة نشأ وتعلم وظهرت موهبته الشعرية ولفت أنظار مدرسيه وزملائه والوسط الثقافي بعامة، وكانت التوقعات المتفائلة تنظر إلى أن مستقبلًا زاهرًا ينتظر هذا الشاعر في عالم الشعر والشعراء. أما المرحلة الثانية فتبدأ من عام 1380هـ وحتى عام 1409هـ، وهو العام الذي توفي فيه رحمه الله، وهي مدة تقترب من ثلاثين عامًا ذاق فيها الشاعر آلامًا نفسية مبرِّحة وعذابًا متواصلًا من جراء المرض النفسي الذي أصيب به والمتمثل في انفصام حاد في الشخصية، وتوقفت شاعريته ونضب معينه، وانصرف إلى نفسه يتأملها مُطيلًا التفكير متنقلًا بين مستشفيات الصحة النفسية والمصحّات في الداخل والخارج”. ويرى د. الحيدري، أن الحجي “عاش رحلة مع العذاب والآلام، وتوقف إبداعه وسكت صوته الشعري، وتجول بين لبنان والكويت، ثم في المملكة بين الطائف والرياض، وتعاطفت معه الدولة ممثلة في الملك فهد رحمه الله، والملك سلمان أمير الرياض آنذاك، حفظه الله، وأُهدي له منزل مؤثث في الطائف، وحين علم الشاعر بهذه المكرمة سُرَّ بها سرورًا عظيمًا”، مستشهدًا بأبيات من إحدى أشهر قصائده وهي قصيدة “في زمرة السعداء” التي قال فيها الحجي: أأبقى على مر الجديدين في جوى ويسعد أقوام وهم نظرائي؟ ألست أخاهم قد فطرنا سوية فكيف أتاني في الحياة شقائي؟ أرى خلقهم مثلي وخلقي مثلهم وما قصرت بي همتي وذكائي يسيرون في درب الحياة ضواحكا على حين دمعي ابتل منه ردائي أكان لساني إن نطقت ملعثما وكانوا إذا ناجوا من الفصحاء؟ وهل كنت إما أشكل الأمر عاجزا وكانوا لدى الجلى من الحكماء؟ ولست فقيرا أحسب المال مسعدا وليسوا إذا فتشتهم بثراء وهل لهمو جود بما في أكفهم وإني مدى عمري من البخلاء؟ وهل أصبحوا في حين أمسيت مانعا يجودون بالنعمى على الفقراء؟ وهل كلهم أصحاب فضل ومنة وكنت أنا المفضول في الفضلاء؟ وهل ضربوا في الأرض شرقا ومغربا وكنت مللت اليوم طول ثوائي؟ وهل كلهم أوفوا بكل عهودهم ومن بينهم قد غاض ماء وفائي؟ بلى أخذوا يستبشرون بعيشهم سواي فقد عاينت قرب بلائي لقد نظروا في الكون نظرة عابر يمر على الأشياء دون عناء وأصبحت في هذي الحياة مفكرا فجانبت فيها لذتي وهنائي ومن يطل التفكير يوما بما أرى من الناس لم يرتح ونال جزائي ومن يمش فوق الأرض جذلان بشاشته يمرر بكل رواء تغني على الدوح الوريق حمامة فيحسبه المحزون لحن بكاء وتبكي على الغصن الرطيب يظنها حليف الهنا تشجي الورى بغناء ألا إنما بشر الحياة تفاؤل تفاءل تعش في زمرة السعداء!! إنكار شاعريته بسبب المرض وفي حوار للشاعر حمد الحجي في “مرات”، أجراه عبدالعزيز الموسى لجريدة (الجزيرة) عام 1393هـ بعد أن أصابه المرض، استقبله الحجي، وأخبره أنه في حالة جيدة وصحته في تقدم مستمر، فتغيرت الصورة لدى الموسى الذي ظن أن الحجي لن يحدثهم، وسينفر منهم، وسألهم الحجي عن الرياض والأصحاب، كما أخبرهم أنه ينوي استئناف دراسته، التي توقفت عند السنة الثالثة في كلية اللغة العربية بالرياض، وأشار إلى أنه سيتعب كثيرًا في العودة لأن معلوماته قديمة، وقد نسيها، وأنه إذا لم يعد للدراسة، فسيبحث عن عمل مناسب، وسأل عبدالعزيز الموسى الحجي عن الشعر، فأنكر الحجي أنه يجيده أو يقرضه، فتناول الموسى كتابًا كان أمامه، كُتب عليه بيتان من عيون الشعر، وقال للحجي “يا حمد، من قائل هذه الأبيات؟”، فرد “لا أعرفه”، وبعد إلحاح، قال: “لقد وجدتها مكتوبة على أحد جدران البلدة فاستهواني حفظها”، وهنا أخذ الحجي يسرد الأبيات مع تكملة لها، والأبيات (والتي قيل إنها لغيره) هي: رمتني يد الأقدار عن قوس كفها فلا العيش يصفو لي ولا الموت يقرب كأني عصفور لطفل يهينه يقال عذاب الموت والطفل يلعب فلا الطفل ذو عقل فيرثى لحاله ولا الطير مبسوط الجناح فيهرب ومنها البيت الذي وصف بأنه أفضل الأبيات في الغزل في الأدب السعودي الحديث: لو كان لي قلبان عشت بواحدٍ وتركت قلبًا في هواك يعذب تعاطف كبير مع حالته تعاطف الكثير من الأدباء والكتاب مع الحالة المرضية التي أصيب بها الحجي، ومنها الشاعر والوزير الراحل غازي القصيبي رحمه الله الذي زاره في مستشفى (شهار) عندما كان وزيرًا للصحة عام 1403هـ، فوجده في غرفة مظلمة قد طليت جدرانها باللون الأسود، فسأله عن حاله وماذا يريد، فأجابه الحجي بأنه يريد سيجارة، فقال القصيبي قصيدة مؤثرة في ذلك الموقف، تقول أبياتها: عندما زرته في المكان الذي صبغت كل ألوانه بالسواد كان في غرفة باردة وأساريره جمرة خامدة قلت (ماذا عن الشعر؟!) فارتدت النظرة الشاردة أومضت لمحة ثم عاد الرماد قال: (جف المداد) قال: (أشكو لوني والسهاد هل لديك الدواء؟) قلت: (لا! يا حمد!) ليت عندي الشفاء كلنا من ضحايا العناء كلنا نشتكي دمع أيامنا الجاحدة قلت (ماذا تريد؟) قال... (واحدة!!) قمت من عنده حاملاً في دمي كل حزن المكان الذي صبغت كل ألوانه بالسواد ندوة في المركز الذي يحمل اسمه قبل عامين، أقيمت ندوة عن الشاعر حمد الحجي في المركز الذي يحمل اسمه، وهو مركز حمد الحجي الثقافي بجمعية التنمية الاجتماعية بمحافظة مرات، مسقط رأسه، حيث أطلق اسمه عليها من قبل الجمعية تكريمًا له، ورعى تلك الندوة، محافظ مرات الأستاذ سند بن عماش آل حفيظ، وشارك فيها كل من الكاتب والشاعر سعد بن عبدالله الغريبي عضو النادي الأدبي بالرياض، ود. عبدالله بن عبدالرحمن الحيدري أستاذ الأدب والنقد في جامعة الإمام محمد بن سعود سابقًا، وأدار الندوة د. عبدالله بن حمد الدايل عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود سابقًا. وقد حظيت الندوة بحضور عدد كبير من كبار المثقفين والأدباء، وبدأت الندوة بحديث شيق من قبل الكاتب والشاعر سعد الغريبي الذي أوضح أن الحجي لم يكن ناقمًا على المجتمع بل محبًا له، مشيدًا بحبه لوطنه وخصوصًا نجد ومحافظة مرات التي ولد فيها، رغم سفره إلى دول عدة من أجل العلاج، ومنها لبنان التي أعجبته كثيرًا لكنها لم تعوض حنينه إلى نجد حيث فاضت قريحته بأبيات الحنين التي قال فيها: قـــل للــذي زار لبنــانا وجنتـه ** فبــات من عقلــه المخــدوع مسلوبا لا تذهبــنَّ بك الذكـرى مجنحة ** وترتقي بك فــوق الســحب منهــوبا فنجد لبنان في فصل الربيع لذا ** أمســى الجمال لنجد اليــوم منســوبا كما تحدث الغريبي عن مرض الحجي فقال: “تناقل مجتمع حمد أنه مصاب بمرض نفسي، وبدأ المقربون منه يبحثون له عن علاج، لكنه بحثُ الجهلاء، ولذا أودى به التشخيص الخاطئ والعلاج البدائي وتردده على المصحات داخل المملكة وخارجها، وهنا أضم إلى شاعرنا شاعرين من شعراء القرن العشرين، كثيرًا ما يقرنان بشاعرنا الحجي، لأنهما شهرا ببؤسهما - وإن اختلفت أسبابه - وعُرفا باختفائهما المبكر عن مسرح الحياة بعد أن أضاءا سماء الشعر بإبداعهما، هذان هما التونسي أبو القاسم الشابي (1909-1934) والكويتي فهد العسكر (1913-1951)، وأدت بهما النظرة التشاؤمية - كشاعرنا الحجي - إلى إعلان سخطهما على المجتمع”. بعد ذلك تحدث د. عبدالله عبدالرحمن الحيدري عن الشاعر حمد الحجي قائلاً: “حمد بن سعد الحجي هو أعظم شاعر أنجبته قبيلة هذيل في العصر الحديث، وهو يأتي امتدادًا لأجداده الفحول من الشعراء كأبي ذؤيب الهذلي، وأبي كبير الهذلي”. واستعرض د. الحيدري اهتمام الأوساط الأدبية بشعر حمد الحجي حيث قال في الندوة: “وإضافة إلى النشر في الصحف والمجلات كان حمد الحجي يشارك في النشاط الأدبي والثقافي في الكلية؛ ولهذا عرفه الوسط الثقافي بقوة، وترجم له عبد الله بن إدريس وأورد نماذج من أشعاره في كتابه الشهير “شعراء نجد المعاصرون”، وكان عمر الحجي وقت ذاك لا يزيد على ثلاثة وعشرين عامًا ومن الذين أعجبوا بشعر الحجي في وقت مبكر الناقد الدكتور محمد بن سعد بن حسين، فلقد خصه بالمحاضرة الثالثة من كتابه “الأدب الحديث في نجد” الصادر في عام 1391هـ، ثم شارك في مؤتمر النقد العربي الأول في جامعة اليرموك بالأردن عام 1400 هـ ببحث عنوانه “حياة حمد الحجي وشعره، ثم نشر عنه كتابًا مستقلًا في عام 1407 هـ عنوانه “الشاعر حمد الحجي”، ثم نشر عنه خمس مقالات في سنوات متقاربة، وتوج الاهتمام بشعر الحجي برسالة ماجستير سجلت في كلية اللغة العربية بالرياض التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1424هـ وعنوانها “حمد الحجي شاعرًا للباحث خالد بن عبدالعزيز الدخيل، وإشراف الدكتور عبدالرحمن بن عثمان الهليل، ونوقشت في عام 1427هـ، وطبعت في كتاب في العام نفسه مع تغيير في العنوان حيث أصبح حمد الحجي شاعر الآلام”، ثم أعاد النادي الأدبي بالرياض طباعة الكتاب عام 1438هـ / 2017م، ومن الذين اهتموا بالتأريخ لسيرة حمد الحجي ابن بلدته ومعاصره الأستاذ عبدالله بن عبد العزيز الضويحي الذي أصدر عنه في عام 1440هـ / 2019م كتابًا ممتازًا عنوانه “حمد الحجي: الشاعر والإنسان”، كما أصدر عنه الباحثان د. منصور الجابري ود. شليويح العنزي كتابًا عنوانه “قصة حمد الحجي: قراءة طبية جديدة، وتولى نشره النادي الأدبي بالرياض عام 1444هـ /2023م”. الفنان تركي اليوسف يجسد شخصيته في مسرحية خلال معرض الرياض الدولي للكتاب في أكتوبر عام 2023، عرضت مسرحية شعرية من تأليف سامي الجمعان وإخراج فهد الدوسري، وجسد فيها الفنان تركي اليوسف شخصية الحجي بكل اقتدار. وعرضت المسرحية أيضًا في معرض جدة الدولي للكتاب بعدها بشهرين، وأوضح مخرج العمل أن فكرة المسرحية تتمحور حول تجسيد حياة الشاعر السعودي حمد الحجي - رحمه الله- الملقب بشاعر الألم والمعاناة نظرًا لأن أشعاره كانت حالة من الحزن المعبر عن ظروفه الصحية التي تعرض لها. وأفاد أن المسرحية تُعرض تقديرًا وتكريمًا للراحل، وتم الحرص على أن تكون أغلب المشاهد واقعية من حياته. وفاته توفي الشاعر حمد الحجي عام عام 1409هـ (1989م)، بعد أن أصيب بمرض طال الرئة والقلب، ودفن في بلدته مرات رحمه الله. وأكد (عبدالله) شقيق الشاعر حمد، في حديثه لجريدة “الرياض” عام 2006، أن الحجي فارس من فرسان الشعر الشباب بالجزيرة العربية في وقته، وأن السنين تكاد تُنسي الناس ذكراه الجميلة، لولا ما خلفه من قصائد شعرية جميلة، على حداثة سنه، حين نظمها، ولكن المرض أصابه في ريعان الشباب، ولم يمهله لكي يمتعنا بالمزيد منه، وهذه مشيئة الله، ولا راد لقضائه. وأضاف أن د. محمد آل حسين ود. محمد الشدي يعود الفضل لله أولاً ثم لهما في حفظ عدد من قصائده التي جمعاها في ديوانين، فجمع الأول أعمال حمد الحجي في (ديوان حمد الحجي) فيما أصدر الثاني (ديوان عذاب السنين).