
تعد الفنانة نوال مصلّي إحدى الفنانات التشكيليات الرائدات في المملكة العربية السعودية، حيث اختطت لنفسها مساراً فريداً من خلال التركيز على أسلوب البحث اللوني مع دمج البعد التشكيلي الفكري والفلسفي في أعمالها، ما لفت الأنظار إلى هذا النهج الجديد في الفن، لوناً ومضموناً، بالإضافة إلى تميزها في إبراز التنوع الجغرافي والثقافي والمعماري لمناطق المملكة العربية السعودية المختلفة. وبحكم عمل والدها الأستاذ مصطفى مصلّي في وزارة الخارجية، فقد جابت الفنانة نوال عدداً من الدول العربية والأفريقية والعالمية، ما أكسبها تنوعاً فنياً فريداً ووسع من آفاقها واطلاعها، حيث تعلمت الرسم في طفولتها أثناء دراستها في الخارج، وتأثرت كثيراً بوالدها وبوجود بعض المهتمين بالفن في عائلتها. وعن تأثير والدها على مسارها الفني، قالت مصلي لموقع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء): "كان لوالديّ التأثير غير المباشر الذي كوّن شخصيتيّ الفنيّة، من خلال بساتين منطقة الطائف أولاً، واستمرّت عبر رحلات الطبيعة خارج المملكة أثناء عمل والدي بالخارجيّة، فأكسبتني ذاكرة بصريّة لا تنسى، وكان بفضل الله أن أثمرت عن تجربتي التشكيليّة بحثاً ودراسة". وعبرت الفنانة نوال بريشتها وبفنها عن تنوع مناطق المملكة المختلفة وانفراد كل منها بثقافتها وحضارتها وتراثها، وهو بعد جديد على الساحة الفنية ما أكسبها تميزاً فريداً، وألفت في ذلك كتابها (من ربوع بلادي)، وعن ذلك تقول لـ (اليمامة): "هذا المشوار، لهذا النهج، يعتبر جديداً على الساحة التشكيلية لوناً ومضموناً، لم يكن هذا النسيج الفني لكل منطقة من ربوع بلادي وليد اللحظة، بل تراكم خبرات نمت منذ الطفولة لرحلاتي للطبيعة لبلاد عديدة برفقة والدي رحمه الله بحكم وظيفته الدبلوماسية، خاصة لبلاد أفريقيا فكانت المدرسة الحقيقية التي أضافت لي موهبة الرسم منذ صغري والأثر الأكبر حسياً". وتضيف مصلي: "هذا البعد التشكيلي الفكري والفلسفي توفرت له الأدوات بفضل الله سبحانه وتعالى منذ طفولتي من خلال تنقلاتي مع والدي رحمه الله، فاكتسبت من خلاله خبرة ومعرفة عن قرب للتنوع البيئي ورؤية للطبيعة باختلافها وتعدد أنماطها، فهي المدرسة الحقيقية التي رسمت ملامح الفن التشكيلي والذي كان واضحاً في نهجي البحثي مما رسخ في وجداني من تعدد واختلاف كل منطقة عن الأخرى، وهو ما قادني للترحال بريشتي وألواني". البدايات واللون الجديد بدأت الفنانة نوال مشاركاتها بمعرض جماعي أقامته الرئاسة العامة لرعاية الشباب عام 1402هـ وذلك عبر لوحة لطفلة أفريقية، أبرزت من خلالها أسلوبها الفني الفريد الذي لفت الأنظار إليها. وبعدها بثلاثة أعوام شاركت في المعرض الجماعي للفنانات السعوديات بلوحة حققت نجاحاً باهراً، وعن ذلك تقول: "شاركت بلوحة تسبيح مرحلة (اللون الأحمر) وكانت مفاجأة للساحة الفنية التشكيلية، التي أشادت بنجاح هذا الحس الفني وبنجاح أول تجربة لي. وهذا النجاح كان حافزاً للتفكير بمرحلة أخرى، وهذا ما اكتسبته من اطلاعاتي وقراءتي لخبرات الفنانين، لذلك فإن النسيج التشكيلي لكل منطقة من ربوع بلادي لم يكن وليد اللحظة". وعن أعمالها التي تناولت مناطق المملكة المختلفة بتنوع ثقافاتها وتراثها، تقول: "أعبر عن التنوع الجغرافي والمناخي وللتراث المعماري لربوع بلادي لخصائص متعددة الجوانب التي قل أن تجتمع في دولة واحدة لتتعرف عليها من خلال لوحات تعدى دورها التقليدي إلى طرح ذات قيمة فنية جديدة (رفيعة) بداية من الأخضر ومروراً بالمنطقة الوسطى وانتهاء بالمنطقة الغربية (أم القرى) بجوار الكعبة المشرفة بفضل الله سبحانه وتعالى". ويقول مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) عن الكتاب الذي ألفته الفنانة نوال مصلي: "خلال عملها على مشروع "ربوع بلادي" تعزّز انطباعها عن التنوع في السعوديّة، عن الطبيعة البكر في الأرياف والمدن السعوديّة القديمة، عن علاقة الإنسان السعوديّ بأرضه ومزرعته وطبيعة منطقته، الأمر الذي صبغ كل أشكال التعبير العمرانيّ والثقافيّ في الأزياء واللهجات وسواها". معرض بقصر الأمم المتحدة بجنيف أقامت الفنانة نوال مصلي معرضها الشخصي السادس، وأول معرض شخصي لها خارج المملكة في قصر الأمم المتحدة بمدينة جنيف السويسرية، وكان بعنوان (دراسة في البيئة السعودية.. تجربة تشكيلية معاصرة) وذلك عام 1422هـ (2001م). وضم المعرض الذي افتتحه مدير مكاتب الأمم المتحدة بجنيف سابقاً، فلاديمير بيتروفسكي، وبحضور سفير المملكة آنذاك الأستاذ عبدالوهاب عطار، 44 لوحة من إبداعات الفنانة نوال مصلي، نالت إشادة واستحساناً كبيراً من الزوار والمهتمين بالفنون. تكريم ضمن رائدات الفن وعن تكريمها من قبل وزير الإعلام، قالت الفنانة نوال مصلي لـ (اليمامة): "بتوفيق من الله صدر كتابي عام 2010م أثناء إقامة معرض الكتاب الدولي بالرياض، وفي عام 2013م برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله، كرم الدكتور عبدالعزيز خوجة وزير الإعلام والثقافة السابق، ثماني رائدات سعوديات تقديراً لعطاءهن الوطني ولما قدمن من خدمات للمجتمع السعودي، وكنت من ضمنهن". كما كُرمت الفنانة نوال مصلي في مهرجان الجنادرية عام 1998، وأيضاً كرمتها مؤسسة مسك في إطار تكريمها لرواد الفنّ التشكيليّ السعودي، وقد افتتحت الفنانة نوال مصلي متحفها الشخصي عام 1437هـ والذي ضم جميع لوحاتها ومناطق المملكة المختلفة بأسلوبها اللوني المميز. وعن جديدها، قالت مصلي: "حالياً مستمرة بالمشاركة بلوحات فنية مع تطوير أسلوبي اللوني، وقد شاركت في معارض جماعية حتى أكون موجودة بنهج جديد يثبت وجودي على الساحة التشكيلية، آخرها معرض (مختارات عربية) في أكتوبر الماضي، ومعرض (لوحة في كل بيت) في شهر شعبان الماضي، ومعرض (رمضانيات) الشهر الماضي، وكلها كانت في أتيليه جدة للفنون الجميلة، وهو ما شكل دافعاً لي لتطوير أسلوبي بأفكار جديدة".