العمارة السعودية.. ثراء الهُوية.

كان إطلاق سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله – تصاميم «العمارة السعودية» مطلع هذا الأسبوع، والتي تشمل تسعة عشر طرازاً معمارياً يمثل جميع مناطق المملكة الجغرافية، إيذاناً ببدء مرحلة جديدة من التنوع البصري في المدن والمحافظات والأرياف الممتدة بامتداد رقعة هذا الوطن. التنوع الذي يمثل حقيقة التعددية والثراء المعماري والهوياتي والثقافي لمختلف الأقاليم السعودية المتعددة بتعدد تضاريس وجغرافيا الوطن وتنوعه الأنثروبولوجي الثري. مشروع «العمارة السعودية» يأتي في سياقات: اقتصادية، وسياحية، وثقافية، وكذلك في سياق تحسين المشهد الحضري والبصري المساهم في رفع قيم جودة الحياة في كافة المناطق؛ ليأتي كل تصميم ناطقاً بهوية كل مكان ينتمي إليه، مساهماً في الناتج الإجمالي المحلي، وموفراً للعديد من فرص العمل، فضلاً عن الهدف السياحي الذي يلتقي مع أهداف تحسين المشهد الحضري لينقل رسالة طويلة المدى والتأثير مفادها: أن كل منطقة من المناطق السعودية تحمل إرثها وهويتها الفرعية المستمدة من البيئة الخاصة بها، وبالتالي فإن كل هذا التنوع النادر في أي بلد من البلدان ينسجم بأكمله في وطن واحد تتجانس فيه كل الهُويات الصغرى، وتنصهر جميعها في اللون الأخضر. «العمارة السعودية» سوف تعمل على تلافي أخطاء التصاميم السابقة التي كانت تريد الاقتباس من بعض البيئات لكنها تخطئ في الإتقان والجودة بسبب عشوائية التصميم، أو بسبب عدم الإلمام بالعناصر الأساسية للإرث العمراني. اليوم يأتي هذا المشروع ليضع خارطة معتمدة لتسعة عشر تصميماً يمثل جغرافيا البيئة العمرانية في المملكة. كما سيعمل على الحد من التشوه البصري الحاصل بسبب عدم وضوح الرؤى والأهداف في تصاميم كثير من المباني والمنشآت، وفقدان الانسجام الكلي في الشكل العام للمشهد البصري. يوماً بعد يوم يسير الوطن بثبات ورؤية طموحة نحو المزيد من التطور. وفي كل تجربة حضارية عبر التاريخ يكون المعمار أبرز معالم تلك الحضارة، وأوضح الدلالات على اكتمالها، وكلما كان العمران في أي حضارة يحظى بشيء من «الترف» إن صح التعبير.. كان ذلك دلالة على وصول تلك الحضارة إلى أوج مجدها. وفي قادم السنوات سوف تطل «الحضارة السعودية» على العالم، ليس بالمعمار فحسب، وإنما بكل المجالات التي تُشكل ثيماتٍ حضارية حقيقية.